منصوب على المصدرية أي ثلاثة استئذانات.
ورجح هذا أبو حيان فقال : والظاهر من قوله ثلاث مرات ثلاث استئذانات ؛ لأنك إذا قلت ضربتك ثلاث مرات لا يفهم منه إلا ثلاث ضربات. ويرد بأن الظاهر هنا متروك لقرينة التفسير بالثلاثة الأوقات.
فقال : (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) ، وذلك لأنه وقت القيام عن المضاجع وطرح ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة ، وربما يبيت عريان أو على حالة لا يحب أن يراه غيره فيها.
(وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ). و (من) في قوله : (مِنَ الظَّهِيرَةِ) : للبيان ، أو بمعنى في ، أو بمعنى اللام ، والمعنى حين وضعكم ثيابكم التي تلبسونها في النهار من شدة حرّ الظهيرة ، وذلك عند انتصاف النهار فإنهم قد يتجردون عن الثياب لأجل القيلولة.
ثم ذكر سبحانه الوقت الثالث فقال : (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) : وذلك لأنه وقت التجرد من الثياب والخلوة بالأهل (١).
ثم أجمل سبحانه هذه الأوقات بعد التفصيل فقال : (ثَلاثُ عَوْراتٍ) : كائنة ، (لَكُمْ) ، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان علة وجوب الاستئذان.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ) : يا أهل البيوت.
(وَلا عَلَيْهِمْ) : أي المماليك والصبيان.
(جُناحٌ) : أي إثم في الدخول بغير استئذان ، لعدم ما يوجبه من مخالفة الأمر والاطلاع على العورات.
ومعنى (بَعْدَهُنَ) بعد كل واحدة من هذه العورات الثلاث ، وهي الأوقات المتخللة بين كل اثنين منها. وهذه الجملة مستأنفة مقررة للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.
(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) الجملة مستأنفة مبينة للعذر المرخص في ترك الاستئذان.
قال الفراء : هذا كقولك في الكلام : هم خدمكم وطوافون عليكم ، أي هم خدمكم فلا بأس أن يدخلوا عليكم.
__________________
(١) انظر : ابن جرير (١٨ / ١٦٢) ، وابن كثير (٦ / ٨٩ ، ٩٠) ، والقرطبي (١٢ / ٣٠٣) ، والدر المنثور (٥ / ٥٦).