بقوله : (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ).
والمراد بالحبس : توقيف الشاهدين في ذلك الوقت لتحليفهما ، وفيه دليل على جواز الحبس بالمعنى العام ، وعلى جواز التغليظ على الحالف بالزمان والمكان ونحوهما.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) : معطوف على يحبسونهما ، أي يقسم بالله الشاهدان على الوصية أو الوصيات.
وقد استدل بذلك ابن أبي ليلى على تحليف الشاهدين مطلقا إذا حصلت الريبة في شهادتهما ، وفيه نظر ؛ لأن تحليف الشاهدين هنا إنما هو بوقوع الدعوى عليهما بالخيانة أو نحوها.
(إِنِ ارْتَبْتُمْ) : جواب هذا الشرط محذوف ، دل عليه ما تقدم كما سبق.
(لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) : جواب القسم ، والضمير في به راجع إلى الله تعالى ، والمعنى لا نبيع حظنا من الله تعالى بهذا العرض النزر فنحلف به كاذبين ، لأجل المال الذي ادعيتموه علينا ، وقيل : يعود إلى القسم ، أي لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضا من أعراض الدنيا. وقيل : يعود إلى الشهادة ، وإنما ذكر الضمير لأنها بمعنى القول. أي لا نستبدل بشهادتنا ثمنا.
قال الكوفيون : المعنى ذا ثمن ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهذا مبني على أن العروض لا تسمى ثمنا ، وعند الأكثر أنها تسمى ثمنا كما تسمى مبيعا.
(وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) : أي ولو كان المقسم له ، أو المشهود له قريبا ، فإنا نؤثر الحق والصدق ، ولا نؤثر العرض الدنيوي ولا القرابة. وجواب (لو) محذوف لدلالة ما قبلها عليه ، أي ولو كان ذا قربى لا نشتري به ثمنا.
(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) : معطوف على (لا نَشْتَرِي) داخل معه في حكم القسم ، وأضاف الشهادة إلى الله سبحانه ، لكونه الآمر بإقامتها ، والناهي عن كتمها.
(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)).
(فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) : عثر على كذا : اطلع عليه. يقال : عثرت منه على خيانة ، أي اطلعت ، وأعثرت غيري عليه. ومنه قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ)