و (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) : ظرف للشهادة ، والمراد إذا حضرت علاماته ، لأن من مات لا يمكنه الإشهاد ، وتقديم المفعول للاهتمام ، ولكمال تمكن الفاعل عند النفس.
(حِينَ الْوَصِيَّةِ) : ظرف لحضر ، أو للموت ، أو بدل من الظرف الأول.
(اثْنانِ) : خبر شهادة على تقدير محذوف ، أي شهادة اثنين ، أو فاعل للشهادة على أن خبرها محذوف ، أي فيما فرض عليكم شهادة بينكم اثنان ، على تقدير أن يشهد اثنان. ذكر الوجهين أبو علي الفارسي.
(ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) : صفة للاثنين ، وكذا منكم ، أي كائنان منكم ، أي من أقاربكم.
(أَوْ آخَرانِ) معطوف على اثنان.
و (مِنْ غَيْرِكُمْ) صفة له ، أي كائنان من الأجانب. وقيل : إن الضمير في (مِنْكُمْ) للمسلمين وفي (غَيْرِكُمْ) للكفار ، وهو الأنسب بسياق الآية ؛ وبه قال أبو موسى الأشعري وعبد الله بن عباس وغيرهما.
فيكون في الآية ، دليل على جواز شهادة أهل الذمة على المسلمين في السفر ، في خصوص الوصايا ، كما يفيده النظم القرآني ؛ ويشهد له سبب النزول (١) ، فإذا لم يكن مع الموصي من يشهد على وصيته من المسلمين ، فليشهد رجلان من أهل الكفر ؛ فإذا قدما وأدّيا الشهادة على وصيته ، حلفا بعد العصر أنهما ما كذبا ولا بدّلا ، وأن ما شهدا به حق ، فيحكم به حينئذ بشهادتهما.
فإن [عثر] (٢) بعد ذلك على أنهما كذبا أو خانا ، حلف رجلان من أولياء الموصي وغرّم الشاهدان الكافران ما ظهر عليهما من خيانة أو نحوهما ، هذا معنى الآية عند من تقدم ذكره ، وبه قال سعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير وأبو مجلز والنخعي وشريح وعبيد السلماني وابن سيرين ومجاهد وقتادة والسدي والثوري وأبو عبيد وأحمد بن حنبل.
__________________
(١) صحيح : رواه البخاري (٦ / ٣٣٩) ، والترمذي (٤ / ١٠١) ، وأبو داود (٣ / ٣٣٧) ، وابن جرير (٧ / ١٥) ، والبيهقي (١٠ / ١٦٥).
(٢) حرّف في «المطبوعة» إلى (عنته) وهو خطأ واضح ، وصوّبنا من «فتح القدير» (٢ / ٨٦).