ونصيبا منصوب بفعل مقدر يدل عليه قولهم مغنون وتقديره : هل أنتم دافعون عنا نصيبا ، وقيل : منصوب على المصدر ، قال البقاعي : كما كان شيئا كذلك ألا ترى إلى قوله تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) [آل عمران : ١٠] في موضع غني فكذلك نصيبا ومن النار صفة لنصيبا.
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) أي : من شدة ما هم فيه (إِنَّا كُلٌ) أي : نحن وأنتم (فِيها) فكيف نغني عنكم ولو قدرنا أغنينا عن أنفسنا (إِنَّ اللهَ) أي : المحيط بأوصاف الكمال (قَدْ حَكَمَ) بالعدل (بَيْنَ الْعِبادِ) أي : فأدخل أهل الجنة دارهم وأهل النار دارهم فلا يغني أحد عن أحد شيئا فعند ذلك يحصل اليأس للأتباع من المتبوعين فيرجعون كلهم إلى خزنة جهنم يسألونهم كما حكى الله عنهم بقوله سبحانه وتعالى : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ) أي : جميعا الأتباع والمتبوعون (لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) أي : لخزنتها فوضع جهنم موضع المضمر للتهويل أو لبيان محلهم فيها ، قال البيضاوي : ويحتمل أن تكون جهنم أبعد دركاتها من قولهم بئر جهنام أي : بكسر الجيم والهاء وتشديد النون بعيد القعر ، وقال بعض أهل اللغة : هي مشتقة من الجهومة وهي الغلظ سميت بذلك : لغلظ عذابها وهي عجمية منعت من الصرف للتعريف والعجمة ، وقيل : عربية ومنعت من الصرف للتعريف والتأنيث (ادْعُوا رَبَّكُمْ) أي : المحسن إليكم بأنكم لا تجدون ألما من النار (يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً) أي : قدر يوم (مِنَ الْعَذابِ) أي : شيئا ، فيوما ظرف ليخفف ومفعول يخفف محذوف أي : يخفف عنا شيئا من العذاب في يوم ويجوز أن يكون من العذاب هو المفعول ليخفف ومن تبعيضية ويوما ظرفا ، سألوا أن يخفف عنهم بعض العذاب لا كله في يوم ما لا في كل يوم ولا في يوم معين.
(قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠) إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٥٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (٦٠) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (٦١) ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٦٢) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٦٣) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٥) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦٦))