سورة الأحقاف
مكية إلا قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) الآية وإلا (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) الآية وإلا (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) الثلاث آيات ، وهي خمس وثلاثون آية وستمائة وأربع وأربعون كلمة ، وألفان وخمسمائة وخمسة وتسعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي لا يذل من والى ولا يعز من عادى. (الرَّحْمنِ) الذي سبقت رحمته غضبه (الرَّحِيمِ) الذي خص حزبه بعمل الأبرار للفوز في دار القرار ، وتقدّم الكلام على قوله تعالى :
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (٢) ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (٣) قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨))
(حم) مرارا ، وقرأ ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة ، وقرأ ورش وأبو عمرو بإمالتها بين بين وفتحها الباقون. وقيل : المراد بحم حكمة محمد صلىاللهعليهوسلم التي هي النهاية في الصواب والسداد أحكمها الذي أحاطت قدرته فهو لا يخلف الميعاد.
وقوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي الجامع لجميع الخيرات بالتدريج على حسب المصالح (مِنَ اللهِ) أي الجبار المتكبر المختص بصفات الكمال (الْعَزِيزِ) في ملكه (الْحَكِيمِ) في صنعه لأنه لم يفعل شيئا إلا في أوفق محاله وأنه الخالق للخير والشرّ وأنه يعز أولياءه ويذل أعداءه.
(ما خَلَقْنَا) أي : على ما لنا من العظمة الموجبة للتفرّد بالكبرياء (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) على ما فيهما من الآيات (وَما بَيْنَهُما إِلَّا) خلقا ملتبسا (بِالْحَقِ) أي : الأمر الثابت من القدرة التامة والتصرّف المطلق ليدل على قدرتنا ووحدانيتنا (وَأَجَلٍ) أي وبتقدير أجل (مُسَمًّى) ينتهي إليه وهو يوم القيامة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا) أي : خوفوا به من القرآن من هول ذلك اليوم الذي لا بدّ لكل خلق من انتهائه إليه (مُعْرِضُونَ) أي لا يؤمنون به ولا يهتمون للاستعداد له.