سورة حم فصلت
مكية وتسمى فصلت وهي أربع وخمسون آية وسبعمائة وتسعة وتسعون كلمة وثلاثة آلاف وثلاثمئة وخمسون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له أوصاف الكمال (الرَّحْمنِ) الذي وسع كل شيء رحمة وعلما (الرَّحِيمِ) الذي فصل الكتاب تفصيلا وبينه غاية البيان ، وتقدم الكلام على قوله تعالى :
(حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١))
(حم) ثم إن جعلتها اسما للسورة كانت في موضع الابتداء وخبره. (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وإن جعلتها تعديدا للحروف كان تنزيل خبر المبتدأ محذوف أي : هذا تنزيل وقال الأخفش : تنزيل رفع بالابتداء وخبره. (كِتابٌ) وجرى على ذلك الجلال المحلي (فُصِّلَتْ) أي : بينت (آياتُهُ) بالأحكام والقصص والمواعظ بيانا شافيا في اللفظ والمعنى حال كونه (قُرْآناً) أي : جامعا مع التفصيل وهو مع جمع اللفظ وضبطه منثور اللؤلؤ منتشر المعاني لا إلى حد ولا نهاية عد بل كلما دقق النظر جل المفهوم ، ولذلك قال تعالى : (عَرَبِيًّا) لأن لسان العرب أوسع الألسن ساحة وأعمقها عمقا وأغمرها باحة وأرفعها بناء وأفصحها لفظا وأبينها معنى وأجلها في النفوس وقعا ، وفي ذلك امتنان لسهولة قراءته وفهمه ، وقوله تعالى : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي : العربية أو لأهل العلم وهو النظر وهو متعلق بفصلت أي : فصلت لهؤلاء وبينت لهم لأنهم هم المنتفعون بها وإن كانت مفصلة في نفسها لجميع الناس ، أو بمحذوف صفة لقرآنا أي : كائنا لهؤلاء خاصة لما تقدم من المعنى.
تنبيه : حكم الله تعالى على هذه السورة بأشياء أولها : كونها تنزيلا والمراد المنزل والتعبير عن المفعول بالمصدر مجاز مشهور كقولك هذا بناء الأمير أي : مبنيه وهذا الدرهم ضرب السلطان