على مصدر مصرح به كقولها :
للبس عباءة
وتقر عيني
|
|
أحب إلي من
لبس الشفوف
|
والثاني : أنه
منصوب على جواب التمني المفهوم من قوله تعالى : (لَوْ
أَنَّ لِي كَرَّةً) والفرق بين الوجهين أن الأول : يكون فيه الكون متمنى
ويجوز أن تضمر أن وأن تظهر ، والثاني : يكون فيه الكون مترتبا على حصول المتمنى لا
متمنى ويجب أن تضمر أن.
ثم أجاب الله
تعالى هذا القائل بقوله سبحانه : (بَلى
قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) أي : القرآن وهي سبب الهداية (فَكَذَّبْتَ بِها) أي : قلت ليست من عند الله (وَاسْتَكْبَرْتَ) أي : تكبرت عن الإيمان بها (وَكُنْتَ مِنَ
الْكافِرِينَ).
فإن قيل : هلا
قرن الجواب بما هو جواب له وهو قوله : (لَوْ
أَنَّ اللهَ هَدانِي) [الزمر : ٥٧] ولم يفصل بينهما؟ أجيب : بأنه لا يخلو إما أن يقدم على أخرى
القرائن الثلاث فيفرق بينهن وإما أن تؤخر القرينة الوسطى ، فلم يحسن الأول لما فيه
من تبتير النظم بالجمع بين القرائن ، وأما الثاني فيه من نقض الترتيب وهو التحسر
على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ، ثم تمنى الرجعة فكان الصواب ما
جاء عليه وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ثم أجاب من بينها عما اقتضى
الجواب ، فإن قيل : كيف صح أن تقع بلى جوابا لغير منفي؟ أجيب : بأن قوله (لَوْ أَنَّ اللهَ
هَدانِي) بمعنى ما هديت.
(وَيَوْمَ
الْقِيامَةِ) أي : الذي لا يصح في الحكمة تركه (تَرَى) أي : أيها المحسن (الَّذِينَ
كَذَبُوا عَلَى اللهِ) أي : الحائز لجميع صفات الكمال بنسبة الشريك والولد
إليه ، وقال الحسن : هم الذين يقولون إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل ، قال
البقاعي : وكأنه عنى من المعتزلة الذين اعتزلوا مجلسه وابتدعوا قولهم إنهم يخلقون
أفعالهم قال : ويدخل فيه من تكلم في الدين بجهل وكل من كذب وهو يعلم أنه كاذب في
أي شيء كان ، فإنه من حيث إن فعله فعل من يظن أن الله تعالى لا يعلم كذبه أي : ولا
يقدر على جزائه كأنه كذب على الله وقوله تعالى : (وُجُوهُهُمْ
مُسْوَدَّةٌ) جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال من الموصول
لأن الرؤية بصرية وقيل : في محل نصب مفعولا ثانيا لأن الرؤية قلبية ، ورد بأن تعلق
الرؤية البصرية بالأجسام وألوانها أظهر من تعلق القلبية بهما ، وذكر أن هذا السواد
مخالف لسائر أنواع السواد (أَلَيْسَ
فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) أي : مأوى (لِلْمُتَكَبِّرِينَ) أي : الذين تكبروا على اتباع أمر الله تعالى وهو تقرير
لأنهم يرونه كذلك.
ولما ذكر الله
تعالى الذين أشقاهم أتبعهم حال الذين أسعدهم بقوله تعالى : (وَيُنَجِّي اللهُ) أي : يفعل بما له من صفات الكمال في نجاتهم فعل المبالغ
في ذلك (الَّذِينَ
اتَّقَوْا) أي : بالغوا في وقاية أنفسهم من غضبه فكما وقاهم في
الدنيا من المخالفات حماهم هنا من العقوبات (بِمَفازَتِهِمْ) أي : بسبب فلاحهم لأن العمل الصالح سبب الفلاح وهو دخول
الجنة ، ويجوز أن يسمى العمل الصالح في نفسه مفازة لأنه سببها ، وقرأ حمزة
والكسائي وشعبة بألف بعد الزاي جمعا
__________________