مثل ما قال وزاد عليه» (١) وعنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم» (٢) وعن جويرية بنت الحارث زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ورضي عنها أنه خرج ذات غداة من عندها وكان اسمها برّة فحوّله رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسماها جويرية فكره أن يقال خرج من عند برّة ، فخرج وهي في مسجدها أي : مصلاها ، فرجع بعد ما تعالى النهار فقال : «ما زلت في مجلسك هذا منذ خرجت بعد قالت نعم فقال لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزن بكلماتك لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» (٣).
وعن سعد بن أبي وقاص قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أيعجز أحدكم أن يكتسب في كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه كيف يكتسب كل يوم ألف حسنة قال : يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة» (٤) وفي غير رواية مسلم ويحط بغير ألف.
ولما كان الإنسان عند الإصباح يخرج من سنة النوم إلى سنة الوجود وهي اليقظة ، وعند العشاء يخرج من اليقظة إلى النوم أتبعه الإحياء والإماتة حقيقة بقوله تعالى :
(يُخْرِجُ الْحَيَ) كالإنسان والطائر (مِنَ الْمَيِّتِ) كالنطفة والبيضة (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ) كالبيضة والنطفة (مِنَ الْحَيِ) على عكس ذلك ، أو يعقب الحياة الموت وبالعكس ، وقيل : يخرج المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن (وَيُحْيِ الْأَرْضَ) أي : بالمطر وإخراج النبات (بَعْدَ مَوْتِها) أي : يبسها (وَكَذلِكَ) أي : ومثل هذا الإخراج (تُخْرَجُونَ) بأيسر أمر من الأرض بعد تفرّق أجسامكم فيها أحياء للبعث والحساب ، وقرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي الميت بكسر الياء المشددة ، والباقون بالسكون ، وقرأ حمزة والكسائي وابن ذكوان بخلاف عنه بفتح التاء قبل الخاء وضم الراء على البناء للفاعل ، والباقون بضمّ التاء وفتح الراء على البناء للمفعول.
(وَمِنْ آياتِهِ) أي : ومن جملة علامات توحيده وكمال قدرته (أَنْ خَلَقَكُمْ) أي : أصلكم وهو آدم عليهالسلام (مِنْ تُرابٍ) لم يكن له أصلا اتصاف ما بحياة ، أو أنه خلقكم من نطفة ، والنطفة من الغذاء ، والغداء إنما يتولد من الماء والتراب (ثُمَ) أي : بعد إخراجكم منه (إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) في الأرض كقوله تعالى (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) [النساء : ١].
تنبيه : الترتيب والمهلة ههنا ظاهران ، فإنهم يصيرون بشرا بعد أطوار كثيرة ، وتنتشرون حال. وإذا هي الفجائية إلا أنّ الفجائية أكثر ما تقع بعد الفاء ؛ لأنها تقتضي التعقيب. ووجه وقوعها مع ثم بالنسبة إلى ما يليق بالحالة الخاصة أي : بعد تلك الأطوار التي قصها علينا في موضع آخر من كونها نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما مجردا ثم عظما مكسوا لحما فاجأ البشرية والانتشار.
__________________
(١) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٢٦٩٢.
(٢) أخرجه البخاري في الدعوات حديث ٦٤٠٦ ، ومسلم في الذكر حديث ٢٦٩٤ ، والترمذي في الدعوات حديث ٣٤٦٧ ، وابن ماجه في الأدب حديث ٣٨٠٦.
(٣) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٢٧٢٦ ، وأبو داود في الصلاة حديث ١٥٠٣ ، والترمذي في الدعوات حديث ٣٥٥٥ ، والنسائي في السهو حديث ١٣٥٢.
(٤) أخرجه مسلم في الذكر ٢٦٩٨ ، والترمذي في الدعوات حديث ٣٤٦٣.