دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (٢٥) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٣٢))
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : غطوا ما كشفته أنوار العقول (وَكَذَّبُوا) عنادا (بِآياتِنا) التي لا أصدق منها ولا أضوأ من أنوارها بما لها من عظمتنا وهو القرآن (وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) أي : بالبعث وغيره (فَأُولئِكَ) أي : البغضاء البعداء (فِي الْعَذابِ) الكامل لا غيره (مُحْضَرُونَ) أي : مدخلون لا يغيبون عنه.
(فَسُبْحانَ اللهِ) أي : سبحوا الله تعالى بمعنى صلوا (حِينَ تُمْسُونَ) أي : حين تدخلون في المساء وفيه صلاتان : المغرب والعشاء (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) أي : تدخلون في الصباح وفيه صلاة الصبح.
وقوله تعالى : (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اعتراض ومعناه : يحمده أهلهما. وقوله تعالى (وَعَشِيًّا) عطف على حين وفيه صلاة العصر (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) أي : تدخلون في الظهيرة وفيه صلاة الظهر ، قال نافع بن الأزرق لابن عباس : هل تجد الصلوات الخمس في مواقيتها في القرآن؟ فقرأ هاتين الآيتين وقال : جمعت الآيتان الصلوات الخمس ومواقيتها ، وإنما خص هذه الأوقات مع أن أفضل الأعمال أدومها ؛ لأنّ الإنسان لا يقدر أن يصرف جميع أوقاته إلى التسبيح لأنه محتاج إلى ما يعيشه من مأكول ومشروب وغير ذلك ، فخفف الله عنه العبادة في غالب الأوقات وأمره بها في أوّل النهار ووسطه وآخره وفي أوّل الليل ووسطه فإذا صلى العبد ركعتي الفجر فكأنما سبح قدر ساعتين ، وكذلك باقي الركعات وهن سبع عشرة مع ركعتي الفجر ، فإذا صلى الإنسان الصلوات الخمس في أوقاتها فكأنما سبح الله سبع عشرة ساعة من الليل والنهار ، بقي عليه سبع ساعات من جميع الليل والنهار وهي مقدار النوم ، والنائم مرفوع عنه القلم فيكون قد صرف جميع أوقاته بالتسبيح في العبادة ، أو بمعنى : نزهوه من السوء بالثناء عليه بالخير في هذه الأوقات لما يتجدد فيها من نعم الله تعالى الظاهرة.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» (١) وعنه عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال
__________________
(١) أخرجه البخاري في الدعوات حديث ٦٤٠٥ ، والترمذي في الدعوات حديث ٣٤٦٦ ، وابن ماجه في الأدب حديث ٣٨١٢.