وكتب شفعاء في المصحف بواو قبل الألف كما كتب علماء بني إسرائيل ، وكذلك كتب السوأى بألف قبل الياء إثباتا للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) أي : ويا له من يوم ، وزاد في تهويله بقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) أي : المؤمنون الذين يفرحون بنصر الله والكافرون فرقة لا اجتماع بعدها ، هؤلاء في عليين وهؤلاء في أسفل سافلين كما قال عز من قائل : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) أي : أقروا بالإيمان بأنفسهم (وَعَمِلُوا) تصديقا لإقرارهم (الصَّالِحاتِ فَهُمْ) أي : خاصة (فِي رَوْضَةٍ) وهي أرض عظيمة جدا منبسطة واسعة ذات ماء غدق ونبات معجب بهيج. هذا أصلها في اللغة ، قال الطبري : ولا نجد أحسن منظرا ولا أطيب نشرا من الرياض ا ه والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه. والروضة عند العرب : كل أرض ذات نبات وماء. ومن أمثالهم : أحسن من بيضة في روضة ، يريدون بيضة النعامة (يُحْبَرُونَ) قال أبو بكر بن عياش : التيجان على رؤوسهم ، وقال أبو عبيدة : يسرون أي : على سبيل التجدد كل وقت سرورا تشرق له الوجوه وتبسم الأفواه وتزهر العيون فيظهر حسنها وبهجتها ، فتظهر النعمة بظهور آثارها على أسهل الوجوه وأيسرها ، وقال ابن عباس : يكرمون ، وقال قتادة : ينعمون ، وقال الأوزاعي عن يحيى ابن كثير : يحبرون هو السماع في الجنة ، وقال الأوزاعي : إذا أخذ في السماع لم يبق في الجنة شجرة إلا وردت ، وقال : ليس أحد من خلق الله أحسن صوتا من إسرافيل ، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه ذكر الجنة وما فيها من النعيم وفي آخر القوم أعرابيّ قال يا رسول الله هل في الجنة من سماع؟ قال : «نعم يا أعرابي إنّ في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كل بيضاء خوصانية يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط فذلك أفضل نعيم الجنة» قال الدارمي : فسألت أبا الدرداء بم يتغنين قال : بالتسبيح (١) وروي «أن في الجنة لأشجارا عليها أجراس من فضة فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحا من تحت العرش فتقع في تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طربا» (٢).
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦) فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (١٨) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (١٩) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (٢٠) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢١) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ (٢٢) وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٢٣) وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٤) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ
__________________
(١) أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال ٣٤٩٣ ، وابن حجر في الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ١٢٩.
(٢) أخرجه ابن حجر في الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ١٢٩.