بفتح السين واللام وبعدها ألف. قال الفراء : ولا فرق بين القراءتين كما يقال : حل وحلال وحرم وحرام. وقيل : سلم هو بمعنى الصلح ، أي : نحن سلم صلح غير حرب. (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ،) أي : فما أبطأ مجيئه به. والحنيذ : المشوي على الحجارة المحماة في حفرة من الأرض ، وكان سمينا يقطر ودكه. كما قال تعالى في موضع آخر : (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) [الذاريات ، ٢٦]. قال قتادة : كان عامة مال إبراهيم البقر. روي أنّ إبراهيم عليهالسلام مكث خمس عشرة ليلة لم يأته ضيف فاغتمّ لذلك وكان يحب الضيف ولا يأكل إلا معه ، فلما جاءته الملائكة رأى أضيافا لم ير مثلهم فعجل قراهم وجاء بعجل سمين مشوي.
(فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ ،) أي : الأضياف (لا تَصِلُ إِلَيْهِ ،) أي : لا يمدّون أيديهم إليه (نَكِرَهُمْ) أي : أنكرهم وأنكر حالهم لامتناعهم من الطعام (وَأَوْجَسَ ،) أي : أضمر في نفسه (مِنْهُمْ خِيفَةً ،) أي : خوفا. قال قتادة : وذلك أنهم كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وإنما جاء بشر. (قالُوا لا تَخَفْ) يا إبراهيم (إِنَّا) ملائكة الله (أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) بالعذاب وإنما لم نمد له أيدينا لأنا لا نأكل.
(وَامْرَأَتُهُ ،) أي : إبراهيم سارة وهي ابنة عمّ إبراهيم (قائِمَةٌ) وراء الستر تسمع محاورتهم أو على رؤوسهم للخدمة فسمعت البشارة بالولد التي دل عليها فيما مضى قوله (بِالْبُشْرى فَضَحِكَتْ) سرورا من تلك البشرى لزوجها مع كبره وربما ظنته من غيرها ؛ لأنها كانت عجوزا عقيما فأزيل ذلك الظنّ عنها بقوله تعالى : (فَبَشَّرْناها ،) أي : على لسان الملائكة تشريفا لها وتفخيما لشأنها. (بِإِسْحاقَ) تلده (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ،) أي : يكون يعقوب عليهالسلام ابنا لإسحاق عليهالسلام فتعيش حتى ترى ولد ولدها. قال البقاعي : والذي يدل على هذا التقدير من أنهم بشروه بالولد قبل امرأته فسمعت فعجبت ما يأتي عن نص التوراة ، وساق عن التوراة عبارة مطوّلة. وقيل : سبب سرورها زوال الخيفة أو هلاك أهل الفساد. وقيل : فضحكت فحاضت كما قال الشاعر (١) :
عهدي بسلمى ضاحكا في لبانة
أي : حائضا في جماعة من النساء.
وهذا يرد على الفراء حيث قال : ضحكت بمعنى حاضت لم نسمعه من ثقة ، وقال آخر : تضحك الضبع لقتلى هذيل. أراد أنها تحيض فرحا.
تنبيه : ههنا همزتان مكسورتان من كلمتين ، قرأ قالون والبزي بتسهيل الأولى مع المد والقصر ، وقرأ ورش وقنبل بتسهيل الثانية وإبدالها أيضا حرف مد. وقرأ أبو عمرو بإسقاط أحدهما مع المد والقصر ، والباقون بتحقيق الهمزتين ولا ألف بينهما.
(قالَتْ يا وَيْلَتى) هذه كلمة تقال عند أمر عظيم ، والألف مبدلة من ياء الإضافة. (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) وكانت ابنة تسعين سنة في قول ابن إسحاق ، وقول مجاهد : تسع وتسعين سنة ، (وَهذا بَعْلِي ،) أي : زوجي سمّي بذلك لأنه قيّم أمرها ، وقولها : (شَيْخاً) نصب على الحال. قال الواحدي : وهذا من لطيف النحو وغامضة فإنّ كلمة (هذا) للإشارة فكان قولها : (وَهذا بَعْلِي
__________________
(١) الشطر لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.