بعد الدال ، ومن لم ينون وقف على الدال ساكنة. وقرأ الكسائي بعدا لثمود بتنوين ثمود مع الكسر لما مرّ ، والباقون بغير تنوين مع الفتح لما مرّ أيضا.
القصة الرابعة : التي ذكرها الله تعالى في هذه السورة قصة إبراهيم عليه الصلاة والسّلام المذكورة في قوله تعالى :
(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧) وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨) قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠) قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١) فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣))
(وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى ،) أي : بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، والمراد بالرسل الملائكة ، ولفظ رسلنا جمع وأقله ثلاثة ، واختلف في الزائد على ذلك وأجمعوا على أنّ الأصل فيهم كان جبريل عليهالسلام ، واقتصر ابن عباس وعطاء على أقل الجمع فقالا : كانوا ثلاثة : جبريل وميكائيل وإسرافيل وهم الذين ذكرهم الله تعالى في سورة الذاريات بقوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) [الذاريات ، ٢٤] ، وفي الحجر : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) [الحجر ، ٥١]. وقال الضحاك : كانوا تسعة. وقال محمد بن كعب القرظي : كان جبريل ومعه سبعة أملاك. وقال السدي : كان جبريل ومعه أحد عشر ملكا على صورة الغلمان الذين يكونون في غاية الحسن. قال النحويون : ودخلت كلمة قد ههنا ؛ لأنّ السامع لقصص الأنبياء يتوقع قصة بعد قصة ، وقد للتوقع ، ودخلت اللام في (لَقَدْ) لتأكيد الخبر. (قالُوا سَلاماً ،) أي : سلمنا عليك سلاما ، ويجوز نصبه بقالوا على معنى : ذكروا سلاما ، أي : سلموا (قالَ سَلامٌ ،) أي : أمركم أو جوابي سلام أو وعليكم سلام.
تنبيه : قوله : (سَلامٌ) أكمل من قوله السّلام ، لأنّ التنكير يفيد الكمال والمبالغة والتمام ، ولهذا صح وقوعه مبتدأ ؛ لأنّ النكرة إذا كانت موصوفة جاز جعلها مبتدأ ، وأما لفظ السّلام فإنه لا يفيد إلا الماهية. فإن قيل : فلأي شيء ما كفى الأوّل في التحلل من الصلاة عند النوويّ؟ أجيب : بأنّ ذلك سنة متبعة. وقرأ حمزة والكسائي بكسر السين وسكون اللام ولا ألف بعدها ، والباقون