وامرأة صاحب الدواب ، وامرأة صاحب السجن ، وامرأة الحاجب ، والنسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي ، ولذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث وقوله : (فِي الْمَدِينَةِ ،) أي : مدينة مصر ظرف ، أي : أشعن الحكاية في مصر أو صفة نسوة ، وقيل : مدينة عين شمس. (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) وإنما أضفنها إلى زوجها إرادة لإشاعة الخبر ، لأنّ النفس إلى سماع أخبار أولي الأخطار أميل ويردن قطفير والعزيز الملك بلسان العرب ورسم امرأة بالتاء المجرورة ووقف عليها ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالهاء والباقون بالتاء ، وأما الوصل فهو بالتاء للجميع (تُراوِدُ فَتاها ،) أي : عبدها الكنعاني ، يقال : فتاي وفتاتي ، أي : عبدي وجاريتي (عَنْ نَفْسِهِ ،) أي : تطلب منه الفاحشة وهو يمتنع منها (قَدْ شَغَفَها حُبًّا ،) أي : شق شغاف قلبها وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها ، وحبا نصب على التمييز ، وقيل : جلدة رقيقة يقال لها : لسان القلب قال النابغة (١) :
وقد حال همّ دون ذلك والج |
|
مكان انشغاف تبتغيه الأصابع |
وقرأ نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم بإظهار دال قد عند الشين ، والباقون بالإدغام (إِنَّا لَنَراها ،) أي : نعلم أمرها علما هو كالرؤية (فِي ضَلالٍ ،) أي : خطأ (مُبِينٍ ،) أي : بين ظاهر حيث تركت ما يجب على أمثالها من العفاف والستر بسبب حبها إياه.
(فَلَمَّا سَمِعَتْ) زليخا (بِمَكْرِهِنَّ ،) أي : قولهن وإنما سمي ذلك مكرا لوجوه :
الأوّل : أنّ النسوة إنما ذكرن ذلك الكلام استدعاء لرؤية يوسف عليهالسلام ، والنظر إلى وجهه ؛ لأنهنّ عرفن أنهنّ إذا قلن ذلك عرضت يوسف عليهنّ ليتمهد عذرها عندهنّ.
الثاني : أنّ زليخا أسرّت إليهنّ حبها ليوسف عليهالسلام وطلبت منهنّ كتمان هذا السرّ فلما أظهرن السرّ كان ذلك مكرا.
الثالث : أنهنّ وقعنّ في غيبتها والغيبة إنما تذكر على سبيل الخفية فأشبهت المكر (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) تدعوهنّ لتقيم عذرها عندهنّ. قال وهب : اتخذت مأدبة ودعت أربعين امرأة من أشراف مدينتها فيهنّ الخمس (وَأَعْتَدَتْ ،) أي : أعددت (لَهُنَّ مُتَّكَأً ،) أي : طعاما يقطع بالسكين ، وهو الأترج وإنما سمي الطعام متكأ ؛ لأنه يتكأ عنده. قال جميل (٢) :
فظللنا بنعمة واتكأنا |
|
وشربنا الحلال من قلله |
والمتكأ ما يتكأ عليه عند الطعام والشراب والحديث ؛ لأنهم كانوا يتكئون للطعام والشراب والحديث كعادة المترفين ، ولذلك جاء النهي عنه في الحديث أن يأكل الرجل متكئا. وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا آكل متكئا» (٣) وقيل : إنها زينت البيت بألوان الفواكه والأطعمة ووضعت الوسائد ودعت النسوة
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في ديوان النابغة الذبياني ص ٣٢ ، ولسان العرب (شغف) ، وجمهرة اللغة ص ٨٦٩ ، ٨٧٣ ، وكتاب العين ٤ / ٣٦٠ ، وتاج العروس (شغف).
(٢) البيت من الخفيف ، وهو لجميل بن معمر في ديوانه ص ١٨٩ ، ولسان العرب (قلل) ، وأساس البلاغة (قلل) ، (وطأ) ، والأغاني ٨ / ٩٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٦٦ ، والمعاني الكبير ص ٤٥٧ ، وتاج العروس (قلل).
(٣) أخرجه البخاري في الأطعمة حديث ٥٣٩٨ ، وأبو داود في الأطعمة حديث ٣٧٦٩ ، والترمذي في الأطعمة حديث ١٨٣٠ ، وابن ماجه في الأطعمة حديث ٣٢٦٢.