ويقال : ذكر الله (ما فِي السَّماواتِ) من الخلق (وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق (وَهُوَ الْعَزِيزُ) فى ملكه وسلطانه (الْحَكِيمُ (١)) فى أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) يعنى بنى النضير (مِنْ دِيارِهِمْ) من منازلهم وحصونهم (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) لأنهم أول من حشر وأخرج من المدينة إلى الشام إلى أريحاء وأذرعات بعد ما نقضوا عهودهم مع النبى صلىاللهعليهوسلم بعد وقعة أحد (١)(ما ظَنَنْتُمْ) ما رجوتم يا معشر المؤمنين (أَنْ يَخْرُجُوا) يعنى بنى النضير من المدينة إلى الشام (وَظَنُّوا) يعنى بنى النضير (أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ) أن حصونهم تمنعهم (مِنَ اللهِ) من عذاب الله (فَأَتاهُمُ اللهُ) عذبهم الله وأخزاهم وأذلهم بقتل كعب بن الأشرف (مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) لم يظنوا ولم يخافوا أن ينزل بهم ما نزل بهم من قتل كعب بن الأشرف (وَقَذَفَ) جعل (فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الخوف من محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، وكانوا لا يخافون قبل ذلك (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ) يهدمون بعض بيوتهم (بِأَيْدِيهِمْ) ويرمون بها إلى المؤمنين (وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) ويتركون بعض بيوتهم على المؤمنين حتى هدموا ورموا بها إليهم (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢)) فى الدين ، ويقال : بالصبر ، بما فعل الله بهم من الاجلاء (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ) قضى الله (عَلَيْهِمُ) على بنى النضير (الْجَلاءَ) الخروج من المدينة إلى الشام (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) بالقتل (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣)) أشد من القتل.
(ذلِكَ) الجلاء والعذاب (بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ) خالفوا الله (وَرَسُولَهُ) فى الدين (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) يخالف الله فى الدين ويعاده (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤)) له فى الدنيا والآخرة وأمر النبى صلىاللهعليهوسلم ، أصحابه بقطع نخيلهم بعد ما حاصرهم غير العجوة فإنه لم يأمرهم بقطعها فلامهم بذلك بنو النضير ، فقال الله : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) غير العجوة (أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها) فلم تقطعوها يعنى العجوة (فَبِإِذْنِ اللهِ) فبأمر الله القطع والترك (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ (٥)) لكى يذل الكافرين يعنى يهود بنى النضير بما قطعتم من نخيلهم (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) ما فتح الله لرسوله (مِنْهُمْ) من بنى النضير فهو لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة دونكم (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) فما
__________________
(١) انظر : قصة إجلاء بنى النضير فى السنة الرابعة من الهجرة فى السيرة النبوية (٣ / ١٠٨) ، وتفسير الطبرى (٢٨ / ١٩) ، ولباب النقول (٢٠٨) ، وصحيح البخارى (٥ / ٢٢ ، ٦ / ٥٨) ، ومسلم (١٧٤٦) ، (٣ / ١٣٦٥).