سورة التّين
ومن سورة التين ، وهى كلها مكية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨))
عن ابن عباس ، رضى الله عنه ، فى قوله تعالى : (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)) يقول : أقسم الله بالتين تينكم هذا والزيتون زيتونكم هذا ، أو يقال : هما مسجدان بالشام ، ويقال : هما جبلان بالشام ، ويقال : التين هو الجبل الذى عليه بيت المقدس ، والزيتون ، هو الجبل الذى عليه دمشق (وَطُورِ سِينِينَ (٢)) وأقسم بجبل ثبير وهو جبل بمدين الذى كلم الله عليه موسى عليهالسلام ، وكل جبل هو الطور بلسان النبط وسينين هو الجبل الحسن الشجر (وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)) وأقسم بهذا البلد بلد مكة الأمين من أن يهاج فيه على من دخل فيه (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) هو الكافر الوليد بن المغيرة ، ويقال : كلدة بن أسيد (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)) فى أعدل الخلق ولهذا كان القسم (ثُمَّ رَدَدْناهُ) فى الآخرة (أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥)) يعنى النار ، ويقال : لقد خلقنا الإنسان ، يعنى ولد آدم فى أحسن تقويم ، فى أحسن صورة ، إذا تكامل شبابه ، ثم رددناه أسفل سافلين ، إلى أرذل العمر فلا يكتب له بعد ذلك حسنة إلا ما قد عمل فى شبابه وقوته (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الطاعات فيما بينهم وبين ربهم (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)) غير منقوص ولا مكدر تجرى لهم الحسنات بعد الهرم والموت (فَما يُكَذِّبُكَ) يا وليد بن المغيرة ، ويقال : يا كلدة بن أسيد ، ويقال : فمن ذا الذى يكذبك يا محمد (بَعْدُ) هذا الذى ذكرت لك من تحويل الخلق ، يعنى الشباب والهرم ، والبعث والموت ، ويقال : فمن ذا الذى حملك على التكذيب يا كلدة بن أسيد ، ويا وليد بن المغيرة (بِالدِّينِ (٧)) بحساب يوم القيامة (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)) بأعدل العادلين وبأفضل الفاضلين أن يحييك بعد الموت (١).
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٣٠ / ١٦٠) ، والقرطبى (٢٠ / ١١٧).