علف البعير (فَكانَتْ) صارت (هَباءً) غبارا كالغبار الذى يسطع من حوافر الدواب ، أو كشعاع الشمس يدخل فى كوة تكون فى البيت ، أو خرق يكون فى الباب (مُنْبَثًّا (٦)) يحور بعضه فى بعض (١)(وَكُنْتُمْ) صرتم يوم القيامة (أَزْواجاً) أصنافا (ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) وهم أهل الجنة الذين يعطون كتابهم بيمينهم ، وهم الذين قال الله لهم : هؤلاء فى الجنة ولا أبالى (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨)) يعجب نبيه بذلك ، يقول : وما يدريك يا محمد ما لأهل الجنة من النعيم والسرور ، والكرامة (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) وهم أهل النار الذين يعطون كتابهم بشمالهم ، وهم الذين قال الله لهم : هؤلاء فى النار ولا أبالى (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩)) يعجب نبيه بذلك يقول : وما يدريك يا محمد ما لأهل النار من الهوان والعقوبة والعذاب.
(وَالسَّابِقُونَ) فى الدنيا إلى الإيمان والهجرة والجهاد والتكبيرة الأولى والخيرات كلها هم (السَّابِقُونَ (١٠)) فى الآخرة إلى الجنة (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١)) إلى الله (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)) نعيمها دائم (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣)) جماعة من أوائل الأمم كلها قبل أمة محمد صلىاللهعليهوسلم (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤)) من أواخر الأمم كلها ، وهى أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويقول : كلتاهما أمة محمد صلىاللهعليهوسلم فلما نزلت هذه الآية أغتم النبى صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بذلك ، حتى نزل قوله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ) جالسين على سرر (مَوْضُونَةٍ (١٥)) موصولة بقضبان الذهب والفضة منسوخة بالدرر والياقوت (مُتَّكِئِينَ) ناعمين (عَلَيْها) على السرر (مُتَقابِلِينَ (١٦)) فى الزيارة (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) فى الخدمة (وِلْدانٌ) وصفاء ، ويقال : هم أولاد الكفار جعلوا خدما لأهل الجنة (مُخَلَّدُونَ (١٧)) خلدوا لا يموتون فيها ، ولا يخرجون منها ، ويقال : يحلون فى الجنة يطوف عليهم (بِأَكْوابٍ) بكيزان لا آذان لها ولا عرا (وَأَبارِيقَ) ما لها آذان وعرا وخراطيم (وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)) خمر طاهر يجرى (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) يقول : لا يصدع رؤوسهم من شربها ، ويقال : لا يصدع الخمر رؤوسهم كخمر الدنيا ، ويقال : لا يمنعون عنها (وَلا يُنْزِفُونَ (١٩)) لا يسكرون بشربها ، ويقال : لا تسكرهم الخمر ، ويقال : لا ينفذ شرابهم إن قرأت بخفض الزاى.
(وَفاكِهَةٍ) وألوان الفاكهة (مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠)) مما يشتهون (وَلَحْمِ طَيْرٍ)
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (١٧ / ٩٧) ، والمجاز لأبى عبيدة (٢ / ٢٤٨).