غَوى (٢)) لم يخطئ ، ولم يضل فى قوله ، (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣)) لم يتكلم بالقرآن بهوى نفسه (إِنْ هُوَ) ما هو ، يعنى القرآن (إِلَّا وَحْيٌ) من الله (يُوحى (٤)) إليه جبريل حتى جاء إليه وقرأه عليه (عَلَّمَهُ) أى أعلمه جبريل (شَدِيدُ الْقُوى (٥)) وهو شديد القوة بالبدن.
(ذُو مِرَّةٍ) ذو شدة ، ويقال : ذو قوة ، وكانت قوته حيث أدخل يده تحت قريات لوط فقلعها من الماء الأسود ورفعها إلى السماء ، وقلبها ، فأقبلت تهوى من السماء إلى الأرض ، وكانت شدته حيث أخذ بعضادتى باب أنطاكية فصاح فيها صيحة ، فمات من فيها من الخلائق ، ويقال : كانت شدته حيث نفح إبليس نفحة بريشة من جناحه على عقبة من أعقاب بيت المقدس فضربه على أقصى حجر الهند (فَاسْتَوى (٦)) جبريل فى الصورة التى خلقه الله عليها ، ويقال : فاستوى فى صورة خلق حسن (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧)) بمطلع الشمس ، ويقال : فى السماء السابعة (ثُمَّ دَنا) جبريل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويقال : محمد إلى ربه (فَتَدَلَّى (٨)) فتقرب (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ) من قسى العرب (أَوْ أَدْنى (٩)) بل أدنى بنصف قوس (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ) جبريل (ما أَوْحى (١٠)) إلى عبده محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويقال : فأوحى جبريل إلى عبده محمد صلىاللهعليهوسلم ما أوحى الذى أوحى (ما كَذَبَ الْفُؤادُ) فؤاد محمد صلىاللهعليهوسلم (ما رَأى (١١)) الذى رأى ربه بقلبه ، ويقال : رأى ربه بفؤاده ، ويقال : ببصره ، وهذا جواب القسم ، فلما أخبرهم النبى صلىاللهعليهوسلم كذبوه فنزل (أَفَتُمارُونَهُ) أفتكذبونه (عَلى ما يَرى (١٢)) على ما قد رأى محمد صلىاللهعليهوسلم وإن قرأت بالألف ، يقول : أفتجادلونه على ما قد رأى (وَلَقَدْ رَآهُ) يعنى رأى صلىاللهعليهوسلم جبريل ، ويقال : ربه بفؤاده ، ويقال : ببصره (نَزْلَةً أُخْرى (١٣)) مرة أخرى غير التى أخبركم بها (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤)) التى ينتهى إليها كل ملك مقرب ، ونبى مرسل ، ويقال : ينتهى إليها علم كل ملك مقرب ونبى مرسل وعالم راسخ (عِنْدَها) عند السدرة (جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥)) تأوى إليها أرواح الشهداء (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ) يعلو السدرة (١)(ما يَغْشى (١٦)) ما يعلو فراش من ذهب ، ويقال : نور ، ويقال : ملائكة.
(ما زاغَ الْبَصَرُ) ما مال البصر ، بصر محمد صلىاللهعليهوسلم يمينا ولا شمالا بما رأى (وَما
__________________
(١) انظر : حديث السدرة فى صحيح مسلم (١ / ١٥٧ ، ١٧٩) ، وتفسير الطبرى (٢٧ / ٣١) ، والدر المنثور (٦ / ١٢٦).