للمشركين لفرعون وقومه (فَأَصْبَحَ) فصار (فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً) من قتل القبطى (يَتَرَقَّبُ) ينتظر متى يؤخذ به (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ) استعان به (بِالْأَمْسِ) على القبطى (يَسْتَصْرِخُهُ) يستغيثه على آخر من القبط (قالَ لَهُ) الإسرائيلى (مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨)) مجادل بين الجدال وأقبل عليه بالعون (١) (فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ) أن يأخذ (بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما) القبطى ظن الإسرائيلى أنه يريده (قالَ) أى الإسرائيلى (يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي) اليوم (كَما قَتَلْتَ نَفْساً) قبطيا (بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ) ما تريد (إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً) قتالا (فِي الْأَرْضِ) فى أرض مصر (وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩)) المتورعين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر (وَجاءَ رَجُلٌ) وهو حزقيل (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) من أسفل المدينة ، ويقال : من وسط المدينة (يَسْعى) يسرع ويشتد فى مشيه (قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ) أولياء المقتول (يَأْتَمِرُونَ بِكَ) اتفقوا عليك (لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ) من المدينة (إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠)) من المشفقين.
(فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢) وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨) فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠))
__________________
(١) انظر : زاد المسير لابن الجوزى (٦ / ٢٠٩).