قيل : نفى أولا إدراك الشمس للقمر ، ونفى ثانيا سبقية الليل للنهار ، ولم ينف سبقية القمر للشمس ، مع أن هذا هو المطابق للأول؟ أجيب : بأنه إذا كان أحد الشيئين سابقا على الآخر ؛ فتعلق طلب المتأخر بينهما ، بأن يلحق بالسابق ، أكد من تعلق طلب السابق بأن يزيد في مسافة سبقيته مسافة أخرى ؛ فلذلك لم يقل : ولا الليل سابق الشمس ، ومعنى السبقية والإدراك في هذا أن فلك الشمس غير فلك القمر ، فلابد جعل أحدهما على الآخر ، ولا يسبق أحدهما الآخر في جريه ؛ فالمراد أن الشمس لا تزداد في جريها حتى تصير تقطع الفلك في أقل من عام ، والقمر لا يزداد [٦٤ / ٣١٠] جريه حتى يصير يقطع الفلك في أقل من شهر.
قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ).
قال بعضهم : فيه ضمير تقديره وآية هي لهم ، لأن الابتداء بالنكرة لا يصح.
فتعقبه أبو حيان : بأنه إضمار ما لا فائدة فيه.
ونص ابن عصفور في زيد قائم ؛ أنه لا يجوز أن تقول : التقدير زيد هو قائم إذ لا فائدة فيه ، وهو خلاف ما يقول المنطقيون ، فالرابطة أنها لا بد من تقديرها.
ابن هشام : الخطأ إخراج الكلام على خلاف الأصل ، أو على خلاف الظاهر بغير ، كقول بعض العصريين في قول ابن الحاجب : الكلمة هي لفظ.
ومثله قول ابن عصفور في شرح الجمل : إنه يجوز في زيد هو الفاصل أن تحذف مع قوله وقول غيره : إنه يجوز حذف الفائد في عوجا الذي هو في الدار ، لأنه لا دليل حينئذ عليه.
قوله تعالى : (أَنَّا حَمَلْنا).
يؤخذ جواز أن يقال : أن الله حمل فلانا ، ومثله في الحديث : " لم أحملكم عليه ، ولكن الله حملكم" ، وامتنع النووي رحمهالله تعالى من إطلاق ذلك.
قال ابن الخطيب : وفي الآية حجة على الطبائعية القائلين : بأن الجرم الثقيل بطبعه تنزل إلى أسفل فترى الجفن ثقيلا ، وهو بطبعه يصعد إلى فوق ، انتهى ، هذا أمر قد شاهدوه ، ولهم أن يجيبوا عنه بأن ذلك مع عدم تعارض ، وهنا عارض طبع النقل طبع الهوى ، [...].
قوله تعالى : (مِنْ مِثْلِهِ).
(مِنْ) لبيان الجنس.