لأن سيد الأولين والآخرين صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، هو الذي اعترف بعجزه عن إحصاء الثناء عليه ، مع أنه في منزلة يتوهم فيها قدرته على إحصاء الثناء عليه ، إذ هو معصوم محفوظ وقع هذا فاعترف بالعجز ، وإنما قال : لا يحصى ليكون النفي عاما في القائل وغيره فيكون أبلغ.
قوله تعالى : (وَهُوَ الْحَكِيمُ).
قيل : المتقن ، وقيل : واضع الأشياء في مجالها ، قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها) [سورة الحديد : ٤] هذا كقوله تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [سورة طه : ٧] ، فيرد فيه السؤال من جهة أن العطف تأكيد ، والجواب كالجواب إما أنه قصد التسوية في علمه بالنوعين ، وإما الاهتمام بتقديم الأخبار ، فمعرفة ما هو في مظنة الخفاء ، وإما الدلالة على معرفة بالمطابقة وباللزوم.
قيل لابن عرفة : ليس هذا مثله بل هو كقوله : فلان يعلم أن زوجته حامل ، ولا يعلم ما في بطنها ، ويعلم ما يخرج من بطنها عند خروجه ، فقال : لا بل هو مثله.
قوله تعالى : (وَما يَعْرُجُ فِيها).
ولم يقل : وما يعرج إليها ؛ لأنه لو قال : إليها لتوهم أن أعمال العبادة تعرج إلى سماء الدنيا فقط ، والمنقول أنها تعرج إلى السماوات السبع ، وتصعد إلى أعلاها.
قوله تعالى : (وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ).
ابن عرفة : من رحمته بهم مغفرة ذنوبهم.
قيل لابن عرفة : قال بعضهم في الفرقان أربع سور استفتحت بالحمد ، وخمس بالتسبيح ، وسورتان بالبركة ، ولم تذكر فيه لا حول ولا قوة إلا بالله ، لما ورد أنها كنز
__________________
الصحيحين حديث رقم : ١٠٨٨ ، وأبو نعيم الأصبهاني في المسند المستخرج على صحيح مسلم حديث رقم : ٩١٧ ، والترمذي في جامعه حديث رقم : ٣٤٤٠ ، وأبو داود السجستاني في سننه حديث رقم : ١٢١٨ ، والنسائي في السنن الكبرى حديث رقم : ١٤٢٧ ، وابن ماجه في سننه حديث رقم : ٣٨٣٩ ، والدارقطني في سننه حديث رقم : ٤٥٧ ، والبيهقي في السنن الكبرى حديث رقم : ٤٥٠٣ ، ومالك بن أنس في موطأ مالك رواية يحيى الليثي حديث رقم : ٤٩٦ ، ومالك بن أنس في موطأ مالك برواية مصعب الزهري حديث رقم : ٤١٥ ، وأحمد بن حنبل في مسنده حديث رقم : ٩٣١.