قال ابن هشام الباهلي : مذهب أهل السنة للسبب ، وعلى مذهب المعتزلة واجب ، وكذلك السبب.
قوله تعالى : (فَمَأْواهُمُ النَّارُ) المبتدأ مأواهم ؛ لأنه أعرف ، ولأنه مقدم ولإحصاره في الخبر لا مأوى لهم إلا النار ، بخلاف العكس.
قوله تعالى : (ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ).
قال ابن عرفة : عادة القراء يقولون : السورة المدنية وصف فيها عذاب النار بالمذكور ، وهي سورة السجدة ، وفي سورة سبأ وصف فيها عذاب النار بالموت [٦٠ / ٢٩١] فانتفت هنا للعذاب ، وفي سبأ للنار ، وأجاب الطيبي والزبير ، بأن النار هنا تقدم ذكرها فالأصل جاء ذكرها مضمرا ، فيقال : مأواهم النار كلها.
قوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها).
وقيل لهم ذوقوا عذابها ، فالظاهر هنا وقع موقع المضمر لا ينعت ، فلذلك قال الذي كنتم به ... (١) النعت للعذاب لا للنار ، وأما سورة سبأ فقبلها (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها) [سورة سبأ : ٤٢].
قوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها).
قال بعضهم : الإعادة تقتضي أن يكون الخروج أن يكون بمعنى كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ، ويجوز في لفظ الإعادة بأن يراد منها المنع من الخروج أو يكون المعنى أرادوا الخروج ، وأخذوا في أسبابه ، وروي عن الحسن : أنهم يصعدون من الطبقة السفلى إلى العليا ، فيردون إليها.
قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ).
قال الزمخشري : العذاب الأدنى عذاب الدنيا ، من القتل والأسر وغيره ، وعن مجاهد : هو عذاب الآخرة ، زاد ابن عطية بلا خلاف.
قال ابن عرفة : يحتمل أن يكون معا في الدنيا فالأصغر يسمى ذراريهم ويسمى أموالهم ، والأكبر سببهم في أنفسهم قال الفخر : كان الأدنى ضد الأبعد ، والأكبر ضد
__________________
(١) كلمة غير واضحة في المخطوطة.