قال الزمخشري : وعن ابن عرفة (١) : ما من عام أقل مطر من عام ، بل الأعوام كلها متساوية ، وإنما يختلف مجمل إنزال المطر ، ينزل في بعض البلاد دون بعض ، ويقل في بعض ويكثر في بعض.
قال ابن عرفة : وهذا ما يمكن أن يقوله ابن عباس باجتهاده ، وإنما هو مستند فيه إلى حديث سمعه من النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم ، قيل لابن عرفة : قد قال الزمخشري : إنه تلا هذه الآية ، فكأنه استدل بها على ما قال ، فقال ابن عرفة : لا دليل فيها بوجه.
قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا).
أي لو شئنا ، راحتك لبعثنا ، ولكن أردنا تعبك في ذلك ليعظم لك الأجر والثواب.
قوله تعالى : (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ).
ليس المراد النهي عن طاعتهم ، فيما يأمرونه ، وإنما المراد النهي عن طاعتهم في لازم ذلك ، كأنهم يأمرونهم باتباع آلهتهم ، ومن لازم ذلك كفه عن جهادهم ، وعن دعائهم إلى الإيمان بالله ورسوله.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ).
البناء على الضمير للاختصاص ، والإتيان بالموصول في الخير تأكيد في الاختصاص [٥٧ / ٢٧٩] ؛ لأن قولك : وهو الذي فعل كذا يفيد الاختصاص.
قال ابن عرفة : فإن ابن عبد السّلام حكى عن بعضهم في هذا ، وفي قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) [سورة الرحمن : ١٩] أنه كان يستشكل الآية ، ويقول أولها مناقض لآخرها ، بأن قوله تعالى : (مَرَجَ) يعني اختلاطهما ، وقوله تعالى : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) [سورة الرحمن : ٢٠] يقتضي افتراقهما ، قال : واجب : بأن افتراقهما بالذات لكون المالح لا يزال عذبا ، واختلاطهما بالحس والمشاهدة ، وقد ذكروا أن في تضمنه واد يصب فيه البحر المالح أحيانا فلا يغيره ، ويصب هو في البحر أحيانا فلا يغيره ، قال : وعادتهم يقولون : الأصل يقال : لقيت رجلين أحدهما صالح والإتيان باسم الإشارة فرع عن اسم الظاهر ، فلما قال : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) ، وكذلك في سورة القصص : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ
__________________
(١) أورد المصنف في الحاشية : لعله ابن عباس.