بعضهم يقول : لم يرد في القرآن أن القدرة مقرونة بالعلم ، وكذلك هنا بدليل
تعقب الإيلاج الراجع للقدرة بالسمع والبصر.
قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ
الْكَبِيرُ).
ابن عرفة : (الْعَلِيُ) باعتبار ذاته ، (الْكَبِيرُ) باعتبار صفاته.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ).
ابن عرفة : هذا
دليل على أن الموت دليل وجودي ، وهو مذهب أهل السنة بخلاف الفلاسفة ؛ لأن القدرة
لا تتعلق بالعدم ، قال : والإحياء الثاني يتناول الإحياء في القبر للسؤال ،
والإحياء للحشر ، قال ابن عطية : أنها أربع مرات سقط منها الموت ، الأول : ورده
ابن عرفة : بأنه عدم صرف ، فلا يقال : فيه موت إلا مجازا ، قال : وعطف هذا يحتمل
الترقي لأنك إذا رجحت بين إنعامك على شخص أولا ثم ناله الجوع ، ثم أنعمت عليه
ثانيا تجد إنعامك عليه أولا أدخل في باب الامتثال وأرجح يحتمل التدلي لقوله تعالى
: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [سورة قريش : ٤] ، فالإحياء بعد الإقامة نظير الإطعام من الجوع ، وقال :
وعادتهم يقولون : إن النحويين عطفوا الفعل المضارع على الماضي ، وجعلوه من جوعا
فلابد أن يكون هذه مجملا تقديرها ثم هو يحيكم ثم هو يجمعكم يعلم من هذا.
قوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ).
ابن عرفة :
قالوا هذا تلطف من ناحية أنه لم يقل : إنكم لكفار مع تقدم الخطاب لهم في الآية
وتسديد من ناحية تعريفه الإنسان بعلم الجنس فيعم المخاطبين وغيرهم ، قال : وهذا إن
أريد به قيد الإيمان فهو خاص بمن اتصف بذلك ، قيل لابن عرفة : بل المراد به
المجموع ويكون علميا لا كلية ، قال ابن هارون : والجملة كقولك كل الأمة معصوم ، مع
أن المعصوم بعضهم فأبطله ابن عرفة بأنهم نبهوا على أن الحكم على المجموع لا بد فيه
من اعتبار نسبته لكل فرد من أفراده كقولك : كل شيء عليم برفع الهمزة العظيمة
فمجموعهم يرفعها ، وكل واحد منهم له في ذلك نصيب ، وإذا اعتبرناه هنا لزم الكفر.
قال ابن عرفة :
وفي الآية من علم البيان ، وهو خلط المختلف فيه بالمتفق عليه على وجه التسوية
بينهما ؛ لأن الإحياء الثاني في الدار الآخرة مختلف فيه بيننا وبين الفلاسفة ،
وغيرهم.
قوله تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً
هُمْ ناسِكُوهُ).