٢٢ ـ ولقد علم العالمون بالله أن الله لا يشاء أمراً فيحول مشيئته غيره دون بلاغ ما شاء ، ولقد شاء لقوم الهدى فلم يضلهم أحد وشاء إبليس لقوم الضلالة فاهتدوا . فقال لموسى وأخيه : ( اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ) (١) ، وموسى في سابق علمه أنه يكون لفرعون عدواً وحزناً فقال ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) (٢) .
٢٣ ـ فتقولون أنتم : لو شاء فرعون كان لموسى ولياً وناصراً ، والله يقول : ( لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ) (٣) . وقلتم : لو شاء فرعون لامتنع من الغرق والله يقول : ( إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ) (٤) . فثبت ذلك عنده في وحيه في ذكر الأولين ، كما قال في سابق علمه لآدم قبل أن يخلقه : ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٥) فصار إلى ذلك بالمعصية التي ابتلي بها ، وكما كان إبليس في سابق علمه أنه سيكون ( مَذْمُومًا مَّخْذُولًا ) (٦) وصار إلى ذلك بما ابتلي به من السجود لآدم فأبى ، فتلقى آدم بالتوبة فرحم وتلقى إبليس باللعنة فغوى ثم أهبط آدم إلى ما خلق له من الأرض مرحوماً متوباً عليه ، وأهبط إبليس بنظرته مدحوراً مسخوطاً عليه .
٢٤ ـ وقلتم أنتم : إن إبليس وأولياءه من الجن قد كانوا ملكوا رد علم الله والخروج من قسمه الذي أقسم به إذ قال : ( فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٧) حتى لا ينفذ له علم إلا بعد مشيئتهم .
____________________
(١) سورة طه : الآية ٤٣ ـ ٤٤ .
(٢) سورة القصص : الآية ٦ .
(٣) سورة القصص : الآية ٨ .
(٤) سورة الدخان : الآية ٢٤ .
(٥) سورة البقرة : الآية ٣٠ .
(٦) سورة الإسراء : الآية ٢٢ .
(٧) سورة ص : الآية ٨٤ ـ ٨٥ .