علم مصطلح الحديث » (١) .
يلاحظ عليه : أنّ جهود أهل الحديث غير منكرة ، ولكنها لم تكن على وجه تقلع الموضوعات عن كتب الحديث وموسوعاتهم لأن القائمين بهذا الأمر كانوا متأثرين بها ، ولأجل ذلك تجد أحاديث التشبيه والتجسيم والجبر والرؤية وعصيان الأنبياء مبثوثة في الصحاح والمسانيد وسيمر عليك بعضها في هذا الجزء .
ولعل القاریء الكريم يحسب أن هذه الكلمات الصادرة من أساتذة الفن ، ورجال التحقيق في الملل والنحل ، صدرت من غير تحقيق وتدقيق ، إلّا أن المراجع للكتب الرجالية ، يقف على صدق المقال ، ويكتشف أنه كان هناك رجال يتظاهرون بالإسلام ـ وفي الوقت نفسه ـ يبثون ما لديهم من الإسرائيليات والمسيحيات والمجوسيات ، تحت غطاء هذا التظاهر ، وإليك نزراً من تاريخ بعض هؤلاء الرجال :
هو كعب بن ماتع الحميري ، قالوا : « هو من أوعية العلم ومن كبار علماء أهل الكتاب ، أسلم في زمن أبي بكر ، وقدم من اليمن في خلافة عمر ، فأخذ عنه الصحابة وغيرهم ، وأخذ هو من الكتاب والسنة عن الصحابة ، وتوفي في خلافة عثمان ، وروى عنه جماعة من التابعين ، وله شيء في صحيح البخاري وغيره .
قال الذهبي : « العلامة الحبر الذي كان يهودياً فأسلم بعد وفاة النبي (ص) وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه ، فجالس أصحاب محمد فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ويحفظ عجائب .
إلى أن قال : حدث عنه أبو هريرة ومعاوية وابن عباس وذلك من قبيل
____________________
(١) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : ج ١ ص ٢٨٦ ، الطبعة السابعة .