فاجراً ، وصلاة الجمعة خلفه وخلف كل من ولي ، جائزة إقامته ، ومن أعادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة .
ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وكان الناس قد اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه من الوجوه ، أكان بالرضا أو بالغلبة فقد شق الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله ، فإن مات الخارج عليه ، مات ميتة جاهلية » (١) .
هذا الرأي المنقول عن إمام الحنابلة لا يمكن إنكار صحة نسبته إليه ، ولأجل ذلك قال الأستاذ أبو زهرة : « ولأحمد رأي يتلاقى فيه مع سائر الفقهاء وهو جواز إمامة من تغلب ورضيه الناس وأقام الحكم الصالح بينهم ، بل إنه يرى أكثر من ذلك ، إن من تغلب وإن كان فاجراً تجب إطاعته حتى لا تكون الفتن » (٢) .
والعبارة التي نقلناها عن إمام الحنابلة تكاد تعرب عن وجوب إطاعة الجائر ولو أمر بمعصية الخالق وهو أمر عجيب منه جداً مع أن أكثر الأشاعرة الذين يحرمون الخروج عليه ، لا يوجبون طاعته في هذا الحال كما يوافيك نصوصهم ، ولغرابة رأي ابن حنبل هذا ، ذيله أبو زهرة بقوله : « ولكنه ينظر في هذه القضية إلى مصلحة المسلمين وأنه لا بد من نظام مستقر ثابت وأن الخروج على هذا النظام يحل قوة الأمة ويفك عراها ، ولأنه رأى من أخبار الخوارج وفتنتهم ما جعله يقرر أن النظام الثابت أولى وأن الخروج عليه يرتكب فيه من المظالم أضعاف ما يرتكبه الحاكم الظالم .
ثمّ إنّه ينظر في القضية نظرة اتباع فإنّ التابعين الذين عاشوا في العصر الأموي إلى أكثر من ثلثي زمانه قد رأوا مظالم كثيرة ومع ذلك نهوا عن الخروج ولم يسيروا مع الخارجين ، وكانوا ينصحون الخلفاء والولاة إن وجدوا آذاناً تسمع ، وقلوباً تفقه ، وفي كل حال لا يخرجون ولا يؤيدون خارجه » (٣) .
____________________
(١) تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة : ج ٢ ص ٣٢٢ .
(٢) المصدر السابق : ص ٣٢١ ولاحظ كتاب السنة لابن حنبل ص ٤٦ .
(٣) تاريخ المذاهب الإسلامية لأبي زهرة : ج ٢ ص ٣٢٢ .