ولأجل أن يقف القاریء على بعض ما في هذه الكتب من الأحاديث المزورة التي تخالف الذكر الحكيم وتناقض العقل والفطرة نأتي بنماذج مما ورد في الكتابين التاليين :
١ ـ السنة لأحمد بن حنبل الذي رواه عنه ابنه عبد الله .
٢ ـ التوحيد لابن خزيمة .
وهؤلاء وإن كانوا يتلون قوله سبحانه : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ولكنهم يروون أحاديث تثبت للرب سبحانه آلاف المثل .
نعم ، يقول ابن خزيمة : « إنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه ونقر بذلك بألسنتنا ونصدق بذلك بقلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد المخلوقين ، وعز ربنا عن أن نشبهه بالمخلوقين » (١) .
لكن هذه العبارة اتخذها واجهة لتبرير نقل الروايات الصريحة في التجسيم والجهة ، ولا تتحمل تلك الروايات هذا التأويل الذي لهج به ابن خزيمة وأبناء جلدته .
وهذا كتاب السنة لإمام الحنابلة وقد رواه عنه ابنه تجد فيه أحاديث تعرب عن أن لله سبحانه ضحكاً وأصبعاً ويداً وذراعين ووجهاً ، التي يتبادر منها البدع اليهودية والمسيحية .
وما نذكره هنا إنما هو نماذج مما ورد في الكتابين المذكورين والسابر فيهما يجد أضعاف أمثاله وأكثر هذه الأحاديث قد أخرجت في الصحاح والسنن .
إن كتاب التوحيد لابن خزيمة قد وقع مورد القبول عند أهل الحديث والحنابلة ، كيف ، وقد جمع الأحاديث من هنا وهناك وحشاها في كتابه من غير فحص ولا تنقيب ، وهذه كانت المنية الكبرى للحنابلة في تلك العصور . ولأجل ذلك صار الكتاب يقرأ على العلماء والفضلاء حتى يتخذوه ميزاناً لتمييز الحق عن الباطل ، ولا يتخلف أحد عن الاعتراف بما جاء فيه .
____________________
(١) التوحيد لابن خزيمة : ص ١١ .