« سرجون بن منصور » الرومي المسيحي كاتبه وصاحب أمره (١) وبعد أن قضى معاوية بقيت لسرجون مكانته فكان يزيد يستشيره في الملمات ويسأله الرأي (٢) . ثم ورث تلك المكانة ولده يحيى الدمشقي (٣) الذي خدم الأمويين زمناً ثم اعتزل العمل سنة ( ١١٢ هـ ، ٧٣٠ م ) والتحق بأحد الأديرة القريبة من القدس حيث قضى بقية حياته يشتغل في الأبحاث الدينية ويصنف الكتب اللاهوتية ، وليس من يجهل الأخطل الشاعر المسيحي الذي قدمه الأمويون وأغدقوا عليه العطايا وجعلوه شاعر بلاطهم . وكيف كان يزيد بن معاوية يعتمد عليه في الرد على أعداء بني أمية وهجومهم (٤) .
إن احتكاك المسلمين بأولئك المسيحيين لا يمكن أن يكون قد مضى دون أن يترك فيهم أثراً ، ولا سيما برجل ممتاز كيحيى الدمشقي الذي كان آخر علماء اللاهوت الكبار في الكنيسة الشرقية وأعظم علماء الكلام في الشرق المسيحي » (٥) .
* * *
وقال أحمد أمين عند البحث عن مصادر القصص في العصر الأول : « ولا بد أن نشير هنا إلى منبعين كبيرين لهؤلاء القصص وأمثالهم (٦) ، تجد ذكرهما كثيراً في رواية القصص وفي التاريخ وفي الحديث وفي التفسير ، هما : وهب بن منبه ، وكعب الأحبار » .
فأما وهب بن منبه فيمني من أصل فارسي ، وكان من أهل الكتاب الذين
____________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٦ ص ١٨٣ ، وابن الأثير : ج ٤ ص ٧ .
(٢) الطبري : ج ٦ ص ١٩٤ ـ ١٩٩ وابن الأثير : ج ٤ ص ١٧ .
(٣) هو القديس يحيى الدمشقي ( ٨١ ـ ١٣٧ هـ = ٧٠٠ ـ ٧٥٤ م ) واسمه العربي منصور . كان يحيى الدمشقي عالماً كبير القدر من علماء الدين وقديساً محترماً في الكنيستين : الشرقية والغربية .
(٤) الأغاني : ج ١٤ ص ١١٧ .
(٥) لاحظ كتاب « المعتزلة » ص ٢٣ ـ ٢٤ تأليف زهدي حسن جار الله ، طبع القاهرة سنة ١٣٦٦ .
(٦) كذا في المصدر .