مثله من الإمام كما قال أهل المذهب : إن حي على خير العمل كان ثابتا وقت الرسول عليهالسلام ، فأمر عمر بتركها لرأي مصلحة (١).
قالوا : وللإمام أن يفعل مثل ذلك ، وقد يورد على هذا أن المصالح المرسلة شرطها أن لا تصادم الشرع ، وأيضا فقد قيل : إن هذا قبل أن تنزل صلاة المسايفة.
الحكم الرابع : جواز التحكيم ، وهذه المسألة خلافية بين العلماء ، والذي ذكره المؤيد بالله وهي تحكى عن زيد بن علي والناصر ، وأحد قولي الشافعي أن الخصمين إذا حكما رجلا فحكم بينهما نفذ حكمه.
وقال أبو طالب وأبو حنيفة وأحد قولي الشافعي : لا ينفذ ؛ لأنا لو قلنا : إنه طريق إلى صحة الحكم ، أدى ذلك إلى أن يستغني عن الإمام وقضائه ، والمؤيد بالله احتج بحديث سعد بن معاذ ، وبقوله تعالى في سورة النساء : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء : ٣٥] الآية ، وقد فعل ذلك الصحابة.
قال في مهذب الشافي وقد تحاكم عمر ، وأبي بن كعب ، إلى زيد بن ثابت ، وتحاكم عثمان وطلحة ، إلى جبير بن طعم.
الحكم الخامس : أن الإنبات بلوغ ، وهذا مذهبنا لهذا الحديث ، وعند أبي حنيفة ليس ببلوغ ، وعند الشافعي هو بلوغ في المشركين ، وفي المسلمين قولان ، ومنشأ الخلاف ... (٢)
__________________
(١) الذي يؤخذ من الأمر التأخير إلى آخر الوقت وليس في الحديث أنه أمر بتأخيرها إلى وقت العشاء ، وإنما هو فعل الصحابة وليس بدليل ففعلهم قضاء لما فاتهم لما فهموا أنه يجوز التأخير إلى وقت العشاء ، وأما فعل عمر فليس بحجة وخاصة عند من يقول : ألفاظ الأذان موقوفة ، فلا يجوز مثل هذا لإمام ولا لغيره.
(٢) بياض في الأم ولعله (هل يقصر الشيء على سببه أم لا ، ولا يتعداه إلا بدليل؟ أو لا يوقف عليه إلا بدليل؟ وهذا هو المصحح ، وفي القصة أنه يعم ولا يقصر على سببه).