جاء بثم لتراخي الإيمان وتباعده في الرتبة في الفضيلة على العتق والصدقة ، وإن كان الإيمان هو السابق في الوقت ؛ لأنه لا يثبت عمل صالح إلا به ، وخص ذا المقربة ؛ لأن في ذلك صدقة وصلة ، ومن ذلك الأمر بالمعروف ، ولقوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) أي : أمر بعضهم بعضا بالصبر والتراحم ، وأراد الصبر على الطاعات وعن المعاصي ، وعلى المحن.
سورة الشمس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) [الشمس : ٩]
أي : زكى نفسه بالأعمال الصالحة.
(وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) أي : دس نفسه بالأعمال القبيحة ، ودس : نقيض زكى ، وقيل : الضمير يرجع إلى الله تعالى أي : من زكاها الله ، ومن دساها الله.
والمعنى : على قول المعتزلة : حكم بتزكيتها وتدسيسها ، والجبرية يأخذون بظاهره أن الفعل لله ، وفي دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها فأنت خير من زكاها» والمعنى على قول أهل العدل سؤال اللطف والتوفيق.
قوله تعالى :
(فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) [الشمس : ١٤].
أضاف العقر إليهم لما رضوا به ، وإن كان العاقر واحدا وهو قدار بن سالف ، فهم كالرذلة هذا.
ثمرته : أن الراضي بالفعل كالفاعل ، فلو فرض أن الرضاء بالفعل القبيح لدفع ضرر عنه ، أو جلب نفع كان يرضى رجل بقتل رجل هو يرثه فيرضى بقتله لأجل يرث منه ، أو كان يحمل مئونته فيرضى بقتله لسقوط