التوصل إليه بالصدق والكذب ، فالكذب حرام ؛ لأنه لا يحتاج إليه ، وإن لم يمكن إلا بالكذب ، وإن كان المقصود واجبا كأن يختفي رجل من ظالم خوف القتل فالكذب واجب ، وذلك بأن يخفيه ، وإن كان المقصود مباحا فالكذب مباح ، فلو كان معه وداعة لغيره وطلبها الظالم ليأخذها فالكذب واجب ، ولو أخبر بها ضمنها ، والأحوط أن يوري ولو حلف ما هي معه لزمه الحلف ، ويوري في يمينه ، فإن لم حنث على الأصح.
وقيل : لا يحنث ، وهذا كلام النواوي ، فصار الكذب حراما وواجبا ومكروها ، ومباحا ، فالحرام حيث لا تدعو ضرورة دينية إليه ، ولا يوهم من جوار وضع الأخبار في الترغيب في الطاعات والتشديد في المعاصي خطأ ، ذكره في منتخب الأحياء ؛ لأن ذلك يؤدي إلى عدم الثقة في الشرائع ، والواجب حيث يحصل بالصدق قبيح ، والمكروه أن يوري فيما لا ضرورة فيه ؛ لأن فيه تغريرا بالسامع ، وخداعا ، وفي منتخب الأحياء جعله حراما أعني التورية التي لا يحتاج إلى مقصودها.
والمباح هو ما لا يمكن التوصل إلى المحمود إلا به ، ولم يكن المقصود واجبا ، وينظر في صورة المباح ، وقد تقدم طرف من هذا ، وقد ذكر من هذا ، أو قد ذكر الكثير من أهل العلم في التورية آثارا كثيرة.
وفي حديث نعيم بن مسعود أنه قال لقريش وغطفان : إن بني قريظة قد صالحوا محمدا كذبا وهو واجب ، وظاهره من غير تورية ، فهذا حكم ، وقد تقدم ذكر هذا.
الحكم الثاني : جواز مخالطة الكفار ، والإيهام بأنه على ملتهم لمصلحة ، وفي قصة أهل الكهف وهو ما حكى الله سبحانه من قوله : (وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) [الكهف : ١٩] نظير هذا.
الحكم الثالث : أن أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بتأخير الفرض لازم ، ويأتي