يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة : ٨] والمراد بالمعروف الوصية لهم ، وقد دلت الآية على صحة الوصية جملة ، لكن قد انطوى كلام المفسرين في هذه على مسألتين :
الأولى : الوصية للوارث.
والثانية : الوصية للكافر.
أما الأول فمذهب عامة الأئمة أنها تصح كالأجنبي ، وادعى أبو طالب إجماع أهل البيت ، وذلك أخذا بالعموم في قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها) [النساء : ١١] وبقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠] ونسخ الوجوب لا ينسخ الاستحباب.
وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، وعامة الفقهاء ـ وقد يدعون أنه إجماع : إنها لا تصح ، وهذا يحكى عن المؤيد بالله ، ورواه زيد بن علي عن علي عليهالسلام ، واحتجوا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» تأولناه على الوجوب ، أو على أن المراد بما زاد على الثلث ، وخص الوارث ؛ لأنهم كانوا يورثون بالوصية ، وقول المؤيد بالله الأخير مع الفقهاء ، واختلفوا إذا جاء الوارث ، فالأكثر الصحة ؛ لأن المنع لحقه لكون ذلك يؤدي إلى الشحناء.
وقال أهل الظاهر وهو يحكى عن الشافعي أنه لا يصح لعموم المنع ، ويقولون : لم يعقل معنى المنع.
أما صحة الوصية للأجنبي فهو كالإجماع ، وفي النهاية عن الحسن وطاوس وإسحاق : لا تصح الوصية ، لأن الألف واللام كالحصر ، وذلك في قوله تعالى : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).