يعطى العاصي والكافر استدراجا ، ويمنع الطائع ابتلاء واختبارا لتكثر حسناته ويعظم عند الله أجره.
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، فهم يزعمون أن مدار البسط هو الشرف والكرامة ومدار التضييق هو الهوان والذل ، وما علموا أن البسط قد يكون استدراجا ، والتقتير قد يكون للابتلاء ورفع الدرجات.
وما أموالكم بالتي تقربكم عند الله زلفى وقربى ، ولا أولادكم كذلك ، فما الأموال ولا الأولاد تقرب أحدا إلى الله ، لكن المؤمن الصالح الذي ينفق ماله في سبيل الله ، ويعلم أولاده الخير ، ويربيهم على الإسلام وينشئهم تنشئة إسلامية مدارها على حب الله والوطن وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فأولئك لهم الجزاء المضاعف إلى عشر أو إلى سبعمائة بما عملوا ، وهم في غرفات الجنة هم آمنون ، ولا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون.
والذين يسعون جاهدين ومنفقين النفس والنفيس في إبطال آياتنا معاجزين لله على حسب ظنهم القاصر وإدراكهم العاجز أولئك هم في العذاب محضرون ، وفي نار جهنم مخلدون! جزاء بما كانوا يعملون.
قل لكفار مكة الذين كانوا يفاخرون ويباهون بكثرة الأموال والأولاد : إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقتر عليه ، وقد كرر هذه العبارة للتأكيد ، وقيل : بينهما مخالفة فالأولى لشخصين أحدهما وسع عليه والثاني قتر عليه ، وأما هنا فلشخص واحد في وقتين بدليل ذكر الضمير الذي يعود على (من) في قوله : «له» وهذا مما يؤكد أن التوسيع والتقتير ليس لكرامة ولا لهوان ، فإنه لو كان كذلك لم يتصف بهما شخص واحد ، وليس المقصود من الأموال التباهي بها ، والاعتماد عليها ، وإنما الواجب أن يستغلها صاحبها في الإنفاق ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس لك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأبقيت».
فاعلموا أيها الناس أن ما أنفقتم من شيء في سبيل الله ، وسبيل الله هنا موسعة فالنفقة الواجبة من صدقة أو زكاة ، والنفقة المندوبة على الأهل والأولاد كلها هنا في سبيل الله ، ما أنفقتم من شيء في هذا فالله يخلفه ، وهو خير الرازقين. والمراد بقوله : «يخلفه» يعطيه بدله وخلفه ، وذلك البدل إما في الدنيا وإما في الآخرة ، وعن أبى هريرة قال : قال