المعنى :
وهذان فريقان : فريق في السعير ، وفريق أسلم وجهه إلى الله ، وأخلص عبادته وقصده ووجهه إليه ، وعبد الله لم يشرك به شيئا ، وهو محسن في عمله ، يراقب ربه مراقبة من يراه ويشاهده ، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه ويعلم ما يخفيه صدره ، وهذا هو الإحسان كما نطق بذلك الحديث «الإحسان : أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لّم تكن تراه فإنّه يراك».
ومن يسلم وجهه إلى الله بهذا الشكل فقد استمسك بالعروة الوثقى ، وتعلق بأوثق ما يتعلق به ، وهو تمثيل للمتوكل على الله المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يرتقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلى منه ، وإلى الله عاقبة الأمور فيجازى كلا على عمله خير جزاء.
وفريق آخر كفر فلا يحزنك كفره فإنما عليك البلاغ ، وعلينا الحساب ، وإلى الله المرجع والمآب ، فسينبئهم بما عملوا ويجازيهم على ما اجترحوا ، إن الله عليم بذات الصدور ، هؤلاء نمتعهم في الدنيا زمنا قليلا لأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة ثم نضطرهم إلى عذاب جهنم ، وبئس القرار.
الله هو الخالق وما دونه هو الباطل
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ