هذا ـ الإشارة إلى ما عهد به الله من طاعة الرحمن وعصيان الشيطان ـ صراط مستقيم (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) [سورة الأنعام آية ١٥٣].
هذا الدين هو الدين الحق وهو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه لأنه من رب العالمين.
ولقد أضل منكم الشيطان خلقا كبيرا ، ووسوس لهم وزين لهم فعل السيئات حتى وقعوا في المعاصي والعذاب الشديد ، أعميتم فلم تكونوا تعقلون؟ هذه جهنم ـ والإشارة لها لتميزها وظهور آثارها الشديدة ـ التي كنتم توعدون بها فتكذبون ، ويقال لهم مع هذا : اصلوها وذوقوا حرها جزاء لكم بما كنتم تكفرون.
روى أنهم حين يقال لهم ذلك يجدون ما صدر عنهم في الدنيا فيخاصمون فتشهد عليهم جيرانهم وأهلهم وعشيرتهم فيحلفون أنهم ما كانوا مشركين ويقولون : لا نجيز علينا شاهدا إلا من أنفسنا ، فيختم الله على أفواههم ، ويقال لأعضائهم : انطقى فتنطق بما صدر منها ، وهذا يفسر قوله تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
ولعل سائلا يقول : ما السر في جعل الكلام لليد والشهادة للرجل؟ والجواب كما هو مذكور في كتاب الخازن : أن اليد تباشر والرجل تكون حاضرة ، وقول الحاضر على غيره شهادة بما رأى ، وقول الفاعل إقرار على نفسه بما فعل.
فضل الله على الناس كبير
وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)