وليس في كلامِهِم « فِعالٌ » بالكسرِ تُجمَعُ على « فَعَلٍ » بفتحتَينِ غيرهما (١) ، وقد تَلحَقُ بالجمعَينِ هاءٌ فيقالُ : ثلاثَةُ أُهُبَةٍ وأَهَبَةٍ.
وربّما استعملوا الإِهابَ في جلدِ الإنسانِ ؛ يُقالُ : غَضِبَ فُلانٌ حتّى كادَ يَخرُجُ من إِهابِهِ.
والأُهْبَةُ ، كغُرْفَة : العُدَّةُ. الجمعُ : أُهَبٌ ، كغُرَف.
وتَأَهَّبَ للسفرِ : استعدَّ.
وأَهَّبْتُهُ تَأْهِيباً : جَعَلتُ له أُهْبَةً.
وإِهابٌ ، ككِتاب لا سَحاب ووَهِمَ الفيروزاباديُ : موضعٌ بناحيةِ المدينةِ ، وإليه يُضافُ بئرُ إهاب بالحَرَّةِ الغربيّةِ ، يُقالُ : إنّ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بَصَقَ فيها ، ولذلكَ يتبرّكُ بها أهلُ المدينةِ ، ويسمّونَها زَمْزَمَ ، لبركتِها.
الأثر
( لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ ) (٢) وفي روايةٍ : ( لَوْ جُعِلَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا احْتَرَقَ ) (٣) هذا تمثيلٌ وتخييلٌ ؛ لعلوِّ شأنِ القرآنِ وجلالةِ قدرِهِ ، والمعنى : لو كُتِبَ في جلدٍ وأُلقِيَ في النارِ ـ وكانَتِ النارُ ممّا لا تُحرقُ شيئاً ؛ لعظمِ شأنِهِ وشرفِ مقدارِهِ ـ لم تَمَسَّهُ ولم تُحرِقْهُ. ونظيرُ ذلكَ قولُهُ تعالى : ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً ) (٤) الآيةَ.
وقد كَثُرَتْ أقوالُ العلماءِ في تأويلِ هذا الخبرِ ، وكلُّها مدخولٌ سوى ما ذَكَرناهُ (٥).
__________________
(١) انظر المصباح المنير : ٢٨.
(٢) مسند احمد ٤ : ١٥٥.
(٣) غريب ابن الجوزيّ ١ : ٤٨. ورواية هذا الأثر في أغلب المصادر هكذا : « لو جعل القرآن في إهاب ثمّ أُلقي في النار ما احترق ». انظر الفائق ١ : ٦٧ ، والنهاية ١ : ٨٣ ، ومسند أحمد ٤ : ١٥١ ، وسنن الدارميّ ٢ : ٤٣٠ ، وانظر الشرح.
(٤) الحشر : ٢١.
(٥) انظر الأمالي للسيد المرتضى ٢ : ٨٣.