أنَّ المعدومَ ليس بشيءٍ.
( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ ) (١) هو حكايةُ قولِ المَلَكِ كما رُويَ ، أو قولِهِ عليهالسلام لأصحابِه ، أو تعليقٌ للعِدَةِ بالمَشيئَةِ ؛ لتعليمِ العبادِ ، أو للإشعارِ بأنَّ بعضَهم لا يدخُلونَهُ لموتٍ أو غيبةٍ ، أو هو استثناءُ تحقيقٍ لا تعليقٍ ، والمعنى : أنَّه تعالى يفعَلُ بعبادِهِ ما هو الصّلاحُ.
الأثر
( وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكم لَاحِقونَ ) (٢) للتّبرّكِ ؛ إذ اللِّحاقُ متيقَّنٌ ، أو عائدٌ إلى اللُّحوقِ بِالموافَاةِ على الإيمانِ ، أو بالمكانِ المتبرَّكِ.
المصطلح
المَشِيئَةُ : توجُّهُ النّفسِ إلى معلومٍ بملاحظةِ صفاتِهِ وأحوالِهِ المرغوبِ فيها الموجبةِ لِحركة النّفسِ لتحصيلِهِ (٣) ، وهذهِ الحركةُ النّفسانيَّةُ وانبعاثُها هي الإرادةُ ، فنسبةُ المَشِيئَةِ إلى الإرادَة كنسبةِ الظّنِّ إلى الجزم ، ومشيئةُ اللهِ تعالى : عبارةٌ عمّا يترتَّبُ عليهِ أثَرُ ( هذا ) (٤) التّوجُّهِ ، ويكونُ بمنزلتِهِ.
وقيلَ : عبارةٌ عن تجلِّي الذّاتِ ، والعنايةِ السّابقةِ لإيجَادِ معدومٍ أو إعدامِ موجودٍ ، فهي أعمُّ من الإرادةِ ؛ إذ هي عبارةٌ عن تجَلِّيه لإيجادِ معدومٍ ، فهي لا تتعلَّقُ دائماً إلاَّ بهِ ، فكانت صفةً تُخصِّصُ أمراً بحصولِهِ ووجودِهِ ، ومن تتبَّعَ مواضعَ استعمالِ المَشِيئَةِ والإرادةِ في القرآنِ يَعلَم ذلكَ ، وإنْ كان بحَسَبِ اللغةِ يُستعمَلُ كلٌّ منهما مقامَ الآخَرِ.
والشَّيءُ عند الحكماءِ : اسمٌ لما هو حقيقةُ الشّيئيَّةِ ، ولا يقعُ على المعدوم ولا المحالِ.
و ـ عند أكثرِ الأشاعرةِ : هو الموجودُ
__________________
(١) الفتح : ٢٧.
(٢) النهاية ٤ : ٢٣٨.
(٣) في « ش » : في تحصيله.
(٤) ليست في « ت ».