الله أن يكون ذلك على ما قالت الكفرة ، وسمى نفسه : جبارا ؛ لما أنه يجبر الأشياء فيجعلها على ما يشاء ، وهو كقوله : (يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ) [آل عمران : ٦] على ما يريد هو الأشياء ، لا على ما يريده غيره.
قال [الشيخ] ـ رحمهالله ـ : إن الله ـ تعالى ـ يتعالى بمعان أربعة :
أحدها : تعاليه عن الظلم والجور وجميع ما لا يليق.
والثاني : تعاليه على الأشياء كلها بقهره لها وتصريفه إياها على ما يشاء ، أي : ليس أحد يقهره ، بل هو يقهر الخلائق.
والثالث : تعاليه عن أن تمسه الحاجة والآفة وكل من هو دونه لا يخلو عن ذلك.
والرابع : تعاليه عما قال الظالمون فيه من الولد والأضداد والأشكال والأنداد ، وتعاليه عن جميع الآفات التي تصيب الخلق ، والله المستعان.
وقوله ـ عزوجل ـ : (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ).
فالخالق والبارئ واحد ، ويقال : برأ ، أي : خلق ، والبرية هي الخلق ، ويقال : سميت البرية : برية ؛ لأنه خلق من التراب إذ البري من التراب.
وقوله : (الْمُصَوِّرُ) ، والمصور هو الذي يعطي كل شيء صورته ، فيصوره على ما هو ، فالتصوير هو بيان الحدود ، وهو قول الناس : صورت الأمر عند فلان ؛ أي : حددته.
وقوله : (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
أي : الأمثال العلى ، وهي الصفات ؛ إذ الصفة ترجع إلى وجهين : إلى الصفة مرة ، وإلى التشبيه مرة أخرى ، فإذا رجع إلى الصفة فإنه يرجع إلى حقيقة ذلك ، وإن رجع إلى التشبيه فإنه لا يرجع إلى حقيقة ذلك.
ثم قوله : (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، أي : الصفات العلى ، أي : لا يسمى بذلك إلا هو ؛ إذ لا يقال لغيره : الرب ، ولا الرحمن ، ولا المالك إلا أن يضاف ذلك إلى شيء ، فأما على الإطلاق فلا يطلق ذلك إلا له جل وعلا.
ويحتمل وجها آخر : أي : لا شبيه له في أسمائه وألا يشركه أحد في تلك الأسماء ؛ بل هي [له] خاصة ، والله المستعان.
* * *