والرابع : ما ذكرنا في قوله : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ...) الآية : (الْمَلِكُ) من الملك ، أي : ملك كل شيء له ، ليس لأحد سواه حقيقة الملك ، (الْقُدُّوسُ) قيل فيه بوجهين :
قال بعضهم (١) : القدوس هو المبارك ، والبركة اسم كل خير ، أي : منه جميع الخيرات ، لكن لا يجوز أن يقال لله ـ تعالى ـ : يا مبارك ، وإن كان المعنى منه يؤدي إلى أن يأتي منه كل خير ؛ لأنه لا يعرف في أسمائه هذا بالنقل ، وعلينا أن نسكت عن تسميته بما لم يسم نفسه بذلك ؛ لذلك قلنا بأنه لا يجوز التسمي بالمبارك ، والله الموفق.
والثاني : القدوس هو الطاهر ، يعني : هو مقدس عما قالت الملاحدة والكفرة فيه من الولد والشريك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (السَّلامُ).
اختلف في تأويله منهم من قال : سمى نفسه : سلاما ؛ لما هو سالم عن الآفات ، وغيره من المخلوقين لا يسلمون من حلول الآفات بهم.
وقال آخرون : سمى نفسه : سلاما ؛ لما سلم المؤمنون من عذابه. والتأويل الأول أقرب.
وقوله : (الْمُؤْمِنُ) ،
اختلف الناس في تأويله :
قال قائلون (٢) : هو الأمان : أن يؤمن المؤمنين من العذاب ، ولا يمكن لأحد أن يؤمن أحدا من عذابه.
وقال قائلون : أصله من الإيمان : وهو التصديق ، ثم ذلك يتوجه إلى وجهين :
أحدهما : أي : مصدق القول بما وعد للمؤمنين الجنة.
والثاني : المؤمن هو المصدق (٣) لما قال المؤمنون المصدقون من تصديقهم ، فيصدقهم بما قالوا.
ومن الناس من قال : سمى نفسه بما أخبر أن هذا القرآن لما بين يديه مصدق.
وقوله ـ عزوجل ـ : (الْمُهَيْمِنُ) اختلف فيه ـ أيضا ـ :
__________________
(١) قاله قتادة أخرجه الطبري (٣٣٩١٤) وذكره السيوطي في الدر المنثور ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ دون أن ينسبه لأحد.
(٢) قاله زيد بن علي أخرجه ابن المنذر كما في الدر المنثور (٦ / ٣٠٠).
(٣) قاله الضحاك ، وابن زيد ، أخرجه الطبري (٣٣٩١٩ ، ٣٣٩٣٠).