والمعونة ، وقوله : (لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت : ٦٩] في التوفيق والولاية. وكذلك قوله ـ عزوجل ـ : (اتَّقُوا اللهَ) ؛ لأنه لا يحتمل أن يتقوا الله حتى يكون معهم في التقوى ؛ إذ ظاهر اللفظ يقتضي هذا ؛ كقوله : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة : ١١٩] ، أي : في الصدق ، وإذا ثبت فيه الإضمار كان الوجه في ذلك أحد معان :
إما أن يقول : اتقوا حق الله ـ تعالى ـ أن تضيعوه ، أو اتقوا حده أن تعدوه وتبطلوه ، أو اتقوا سخطه واتقوا مخالفته ، أو اتقوا الأسباب التي تستوجبون بها مقت الله تعالى.
ويحتمل أن يراد من التقوى في هذه الآية أوامره ونواهيه ، على ما وصفنا أن [لفظ] التقوى إذا أطلق جاز أن يراد به الأوامر والنواهي ، وإذا ذكر مقابلة أمر كان المعنى منه محارمه ونواهيه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ، قال [بعضهم] : من عمل بما أمر في هذه الآية سلم من تبعات الآخرة ؛ لأنه إذا شعر قلبه أن الذي يفعله يقدمه لغد امتنع عن ارتكاب ما يجب أن يستحي منه أو يخرب عليه في ذلك الوقت ، وأتى بما يستر عليه ، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون معنى الآية على النظر لما قدمته نفسه للغد ، وذلك أنه إذا تذكر ، فنظر فيما قدمت نفسه للغد ، وذلك أنه دعاه إلى أحد أمرين : إما إلى التوبة عن السيئة التي قدمها أو إلى الشكر على الحسنة التي يتعاطاها ، وكل ذلك منه زيادة في الخير ، فكان الواجب ألا يغفل المرء عن ذلك ، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون هذا على المستأنف من الأفعال أنه ينظر فيما يريد أن يقدمه لغد ، فإن كانت عاقبته الهلاك : انتهى عنه ، وإن كانت عاقبته النجاة : مضى عليه وأتى به ، والله أعلم.
ويحتمل قوله : (اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أن يكون المراد منه : الاتقاء عن ترك النظر لما تقدمه نفسه لغد ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (اتَّقُوا اللهَ) : ذكر قوله : (اتَّقُوا اللهَ) مرة أخرى ، والآية واحدة ، يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد من الأول : أن اتقوا مخالفة الله في أوامره ونواهيه ، وفي الثاني : اتقوا سخطه وعقوبته.
والثاني : أنه خرج على التكرار على ما جرت العادة في الكلام في التكرير عند الوعيد على التأكيد ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) [المؤمنون : ٣٦] ، وكقوله :