وصرن أمثالهن بأمر يجعله الله تعالى ؛ كأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، والأمهات بسبب الرضاع ، والله تعالى لم يجعل لنسائهم تلك الحقوق التي جعلها لمن لحقن بالأمهات ، فيكون تشبيههن بهن في هذه الحقوق منكرا من القول وزورا ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) : اختلف في حكم العود ما هو؟ وفي تأويل العود عن طاوس قولان :
في قول قال : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) : الوطء ، فإذا حنث ، فعليه الكفارة ؛ وهذا تأويل بعيد مخالف للنص ؛ لأن الله تعالى يقول : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) وإنما الذي ذهب إليه حكم الإيلاء : أنه إذا وطئ تجب الكفارة ، أما في الظهار تجب الكفارة قبل الوطء وفي قول : أنه إذا تكلم الظهار يجب عليه الكفارة ، ولم يشترط معه شيء آخر.
وعن مالك أنه إذا ظاهر من امرأته ، ثم أجمع ، وعزم على إمساكها وإصابتها ، وجبت عليه الكفارة حتى إذا طلقها أو ماتت المرأة بعد العزم على الإمساك والإصابة ، أو بعد الإصابة ـ بقي وجوب الكفارة عليه.
وإن لم يجمع على إمساكها حتى ماتت ، تسقط الكفارة.
وكذلك إذا طلقها ، لكنه إذا تزوجها بعد ذلك ، لم يمسها حتى يكفر ؛ فيكون العود : هو إمساكها ليطأها.
وعن الحسن : أن العود هو العزم على الجماع ؛ حتى إذا عزم على جماعها ، تجب الكفارة ، وإن أراد تركها بعد ذلك.
وقال عثمان البتي فيمن ظاهر من امرأته ، ثم طلقها قبل أن يطأها ، قال : أرى عليه الكفارة ، راجعها أو لم يراجعها ، وإن ماتت ، لم يرتفع الظهار والكفارة ، ولا يرث حتى يكفر.
وقال الشافعي : العود هو الإمساك ، والكفارة تجب به ، وحكم الظهار هو تحريم المتعة ؛ حتى إذا أمكنه أن يطلقها بعد الظهار ، ولم يطلق ، وأمسكها ساعة ؛ ليطأها ، فقد وجبت عليه الكفارة عاشت أو ماتت ، وإذا عاشت طلقها أو لم يطلقها ، راجعها أو لا.
وإذا طلقها عقيب الظهار بلا فصل يبطل الظهار ، ولا تجب الكفارة بعزم إمساك المرأة.
وقال بعض المتأخرين في تأويل قوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) ، أي : يعودون إلى القول الأول فيكررون ذلك القول ، وعندهم لا يكون الرجل مظاهرا حتى يقول : «أنت علي كظهر أمي» مرتين.
وأما عندنا فحكم الظهار هو تحريم مؤقت بالكفارة ، ولا نرفعه إلا بالكفارة ، هكذا