قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

512/639
*

يعلمه هو لا يعلمه غيره إلا بإعلام الله تعالى إياه ذلك ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يخرج على وجوه :

أحدها : العزيز : هو الذي أفقر الخلق وأحوجهم إليه ، والحكيم : هو المحكم للأشياء المتقن لها.

أو العزيز : القاهر الغالب ، الحكيم : هو العالم بالأشياء على حقيقتها.

أو العزيز : هو المالك كل ملك ؛ كقوله : (مالِكَ الْمُلْكِ) [آل عمران : ٢٦] الحكيم : الواضع كل شيء موضعه.

وقوله ـ عزوجل ـ : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جائز أن يكون (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تفسيرا لقوله : (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

وقوله ـ عزوجل ـ : (يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي : يملك أن يحيي هذا ، ويميت غيره ، أو يحيي من شاء ، ويميت من شاء ، ويملك إحياء من شاء وإماتة من شاء ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الإحياء والإماتة وغيرهما (قَدِيرٌ).

وقوله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) قالت الباطنية : الأول : معناه : المبدع الأول ، والآخر : المبدع الثاني ، والظاهر : هو الناطق ، وهو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والباطن : هو صاحب التأويل ؛ يقولون : إن المبدع الأول أتم للمبدع الثاني المعونة ؛ فيستعين بها المبدع الثاني على خلق هذا العالم وإنشائهم ؛ لأنهم يقولون : إن المبدع الثانى هو الذي دبر هذا العالم ، وأنشأهم بإعانة المبدع الأول ، والناطق هو الذي دبر الشرائع ، والباطن ـ وهو صاحب التأويل ـ هو الذي يبين الشرائع التي دبرها الناطق وهو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا يصفون أن الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن ، ويقولون : لا يجوز أن يوصف بهذه الأشياء ؛ لأن الأولية تنفي الآخرية ، والظاهر ينفي الباطن ؛ كل حرف من هذه الحروف يبطل الآخر في الشاهد.

وجوابنا : أن ما قلتم من المبدع الأول والثاني والناطق والباطن ، ليس بشيء له معنى على ما ذكرنا في موضعه ، وأما عندنا : فإن قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) هو حرف التوحيد : هو الأول بذاته ، والآخر بذاته والباطن بذاته ؛ قال هذا ؛ ليعلم ولا يفهم من أوليته أولية غيره ، ولا يفهم من آخريته آخرية غيره ، فكذلك لا يفهم من ظاهريته ظاهرية غيره ، ولا من باطنيته باطنية غيره ؛ لأن في الشاهد من كان له أولية لا يكون له آخرية ، ومن كان له آخرية لا يكون له أولية ، وكذلك من كان له ظاهرية لا يكون له باطنية ، ومن كان له باطنية لا يكون له ظاهرية ؛ فكل حرف من هذه الحروف مما ينقض