ولكن عندنا : الأنام : كأنه البشر ، للآية ؛ لأنه أخبر أن الأرض أنشأها للبشر ، [و] وضعها لهم ، وهو ما ذكر في مواضع : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة : ٢٩] ، (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) [الجاثية : ١٣].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) يذكرهم نعمه التي أنشأها لهم في الأرض من الفواكه وأنواع الثمار والحبوب التي جعلها رزقا لهم وقوتا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (ذاتُ الْأَكْمامِ) أي : ذات الغلف والأغطية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) برفع النون وكسرها ؛ فمن كسرها ذهب إلى أن الريحان : هو الرزق الذي يرتزقون من الحبوب والثمار ، والعصف : الورق ؛ فيكون المعنى : والحب ذو الورق والرزق.
ومن رفعها فعلى الابتداء ؛ عطفا على الحب.
واختلفوا في تفسير العصف والريحان :
منهم من قال (١) : العصف : ورق الزرع من الحنطة والشعير وغيرهما.
وقيل (٢) : هو التبن.
وقيل (٣) : هو أول ما ينبت من الزرع.
وقيل : العصف : هو الزرع نفسه ، ولكن أضاف العصف إلى الحب ؛ لما منه ينشأ الحب وما يخرج.
وأما الريحان قال : هو خضرة الزرع.
وقيل (٤) : هو الذي يشتم.
وقيل : هو الرزق الذي يرتزقون من الحبوب في الثمار ؛ كذلك روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : الريحان : هو الحب.
وقال القتبي : الريحان الرزق ؛ يقال : اطلب ريحان الله ، أي رزقه ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) هذا خطاب للجن والإنس ، وفيه دلالة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان مبعوثا إلى الإنس والجن جميعا ؛ ألا ترى أنه قال في آية أخرى :
__________________
(١) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٣٢٩٠٥) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٩٢).
(٢) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير (٣٢٩٠٤) وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه ، كما في الدر المنثور (٦ / ١٩٢).
(٣) قاله أبو مالك أخرجه ابن جرير عنه (٣٢٩١٠) وهو قول أبي صالح أيضا.
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٣٢٩٢٠) وهو قول الضحاك والحسن وابن زيد.