به زينة الأرض ، وهي الكواكب ، وهي الأشجار.
ويحتمل النجم كل نبت ينبت في الأرض لا ساق له ، والشجر هو الذي له ساق ؛ كأنه يقول : يسجد له كل ما يظهر من الأرض ويخرج ، ما ارتفع وعلا ، وما لم يرتفع.
ثم سجودهما يحتمل وجوها :
أحدها : سجود خلقة ؛ قد جعل الله تعالى في خلقة كل شيء دلالة السجود له والشهادة له بالوحدانية.
والثاني : سجود هذه الأشياء الموات : طاعتها له عن اضطرار وتسخير ؛ نحو قوله تعالى : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١].
والثالث : سجود حقيقة ، يجعل الله في سرية هذه الأشياء معنى يسجدون به لله تعالى يعلمه هو ، ولا يعلمه غيره ؛ كقوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤].
وقال بعض الناس : سجودهما : هو تمييل ظلالهما ؛ كقوله تعالى : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ) [النحل : ٤٨].
ثم لا يلزم السجود بتلاوة هذه الآية وأمثالها مما ذكر سجود الموات وطاعتها ؛ لأنها موات ليست بأهل السجود ، وإنما سجودها عن اضطرار كل مخلوق في معناه في الدلالة على السجود ، وإنما يلزم السجود بتلاوة آيات ذكر فيها سجود من هو من أهل السجود ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالسَّماءَ رَفَعَها) هذا يخرج على وجهين :
أحدهما : أراد حقيقة الرفع ، أي : رفعها بغير عمد من الأسفل ، ولا تعليق من الأعلى ، أي : أنشأها كذلك مرفوعة ، لا أن كانت موضوعة فرفعها وأمسكها كذلك ؛ ليعلم أن قدرته خلاف قدرة الخلق وقوتهم.
والثاني : (رَفَعَها) أي : رفع قدرها ومنزلتها في قلوب الخلق حتى يرفعوا أيديهم وأبصارهم إليها عند الحاجة ؛ لما جعل فيها لهم من الأرزاق والبركات التي تنزل من السماء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) يحتمل حقيقة الميزان الذي يزن الناس به الأشياء ، وبه يتحقق الإيفاء والاستيفاء ، امتحنهم بذلك ؛ ليعرفوا بذلك قبح التقصير فيما أمروا به والمجاوزة عما نهوا عنه ، وذلك يحتمل في الأحكام ، والشرائع والتوحيد ، وصرف الألوهية والعبادة إلى غير الذي يستحقه ؛ ليعلموا التقصر في ذلك ، والله أعلم.