عَلَيْكُمْ) حقيقة الخوف ؛ لما لم ييئس من إيمانهم واتباعهم إياه ؛ لذلك لم يقطع فيهم القول بنزول العذاب بهم ، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون الخوف هو العلم حقيقة ؛ أي : أعلم أن ينزل بكم عذاب يوم عظيم إن ختمتم على ما أنتم عليه ، وقد يذكر الخوف في موضع العلم.
وقوله : (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا) أي : قالوا لهود ـ عليهالسلام ـ : أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا.
وقال بعضهم : لتردّنا عن عبادة آلهتنا.
وقال بعضهم : لتكذبنا في آلهتنا ، والإفك : الكذب ؛ وكله واحد.
وأصل الإفك : الصرف ؛ كأنهم قالوا : أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) كانوا يقولون ذلك استهزاء به منهم ، ولم يزل الكفرة يسألون ويستعجلون العذاب الذي كانوا يوعدون استهزاء منهم وتكذيبا بما يوعدون ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ ...) الآية.
أجابهم هود ـ عليهالسلام ـ أن العلم بنزول العذاب ووقته عند الله ، وأبلغكم ما أرسلت به من الدعاء إلى توحيد الله ـ تعالى ـ والنهي عن عبادة غيره.
أو يقول : أبلغكم ما أمرت من التبليغ بنزول العذاب بكم ، ولست أبلغكم أنه متى ينزل بكم؟ لما لم أومر به.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) دين الله ، أو تجهلون آيات الله وقبولها ، أو تجهلون نعم الله وإحسانه ، أو تجهلون أمر الله تعالى.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا).
قال بعضهم : العارض : السحاب ، فقالوا : هذا سحاب ممطرنا ، وكان حقيقة العارض الريح التي فيها عذاب أليم ظنوا أنها سحاب ، ولم تكن سحابا ، ولكن كانت ريحا ، لكن من ذلك الجانب كان يأتيهم السحاب الممطر ؛ [لذلك] (قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا).
وقوله ـ عزوجل ـ : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) كأن هودا ـ عليهالسلام ـ قال لهم : ليس هو بعارض ممطر ، ولكن هو ما استعجلتم به من العذاب حيث : قلتم : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) هو ريح فيها عذاب أليم.
ثم وصف تلك الريح فقال كما أخبر الله ـ تعالى ـ بقوله ـ عزوجل ـ : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) يخرج قوله : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) على وجهين :