وأعطاه دابة مسروجة مزينة كدابة الملك ، وضرب الطبل بمصر : إن يوسف خليفة الملك. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : قال الملك ليوسف : إني أحبّ أن تخالطني في كلّ شيء إلا في أهلي ، وأنا آنف أن تأكل معي ، فغضب يوسف وقال : أنا أحق أن آنف ، أنا ابن إبراهيم خليل الله ، وأنا ابن إسحاق ذبيح الله ، وأنا ابن يعقوب نبيّ الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن شيبة بن نعامة الضبي في قوله : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) يقول على جميع الطعام (إِنِّي حَفِيظٌ) لما استودعتني (عَلِيمٌ) بسني المجاعة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) قال : ملكناه فيها يكون فيها حيث يشاء من تلك الدنيا يصنع فيها ما يشاء. وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم : أن يوسف تزوج امرأة العزيز فوجدها بكرا ، وكان زوجها عنينا.
(وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩) فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٦٣) قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥) قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦))
قوله : (وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ) أي جاءوا إلى مصر من أرض كنعان ليمتاروا لما أصابهم القحط (فَدَخَلُوا) على يوسف (فَعَرَفَهُمْ) لأنه فارقهم رجالا (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) لأنّهم فارقوه صبيا يباع بالدراهم في أيدي السّيّارة بعد أن أخرجوه من الجبّ ، ودخلوا عليه الآن وهو رجل عليه أبهة الملك ، ورونق الرئاسة ، وعنده الخدم والحشم ، وقيل : إنهم أنكروه لكونه كان في تلك الحال على هيئة ملك مصر ، ولبس تاجه وتطوّق بطوقه ، وقيل : كانوا بعيدا منه فلم يعرفوه ؛ وقيل غير ذلك (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ) المراد به هنا أنه أعطاهم ما طلبوه من الميرة وما يصلحون به سفرهم من العدّة التي يحتاجها المسافر ، يقال : جهزت القوم تجهيزا ؛ إذا تكلّفت لهم جهازا للسفر. قال الأزهري : القراء كلّهم على فتح الجيم ، والكسر لغة جيدة (قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ) قيل : لا بدّ من كلام ينشأ عنه طلبه لهم بأن يأتوه بأخ لهم من أبيهم ، فروي أنه لما رآهم وكلّموه بالعبرانية قال لهم : ما أنتم؟ وما شأنكم؟ فإني أنكركم ، فقالوا : نحن قوم من