الفصل الأول
قيام الدولة العباسية
تمخضت الأحداث المتلاحقة التي اعتورت
المسلمين منذ عهد الشهيد عثمان ـ رضى الله عنه ـ عن مذاهب سياسية عدة ، كان أعظمها
خطرا في التاريخ السياسي للدولتين الأموية والعباسية الحزب الشيعي ، فهو أقدم
الأحزاب الإسلامية على الإطلاق ، حيث ظهر في آخر عصر عثمان ، ونما واشتد عوده منذ
عهد علي بن أبي طالب ، وغدا ذا أثر كبير في توجيه مسار الحياة السياسية في الدولة
الإسلامية.
وقد أجمع الشيعة على أن علي بن أبي طالب
هو الخليفة المختار من النبي صلىاللهعليهوسلم
، وأنه أفضل الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين .
كما رأى الشيعة في مبايعة أبي بكر وعمر
وعثمان بالخلافة افتئاتا على حق علي في الخلافة ، كما ساءهم جدّا أن يستوي معاوية
على كرسيها ، وعدّوا ذلك جورا وظلما حاق بعلي وآله ولا بد من رفعه.
وتباينت مواقف الشيعة من علي ، واختلفت
آراؤهم فيه ، فالمقتصدون منهم قدّموه على جميع الصحابة دون تكفير أحد منهم ، ودون
السمو به إلى مرتبة النبوة ، أما المغالون فرفعوه إلى درجة النبوة والتقديس.
على أن المغالين والمقتصدين جمع بينهم
الإيمان بحق علي وبنيه في الخلافة ، وعملوا منذ بداية العصر الأموي على تحويل
الخلافة إلى البيت العلوي.
وبعد أن استشهد الحسين في كربلاء
، انتشر التشيع في أنحاء الدولة الإسلامية ونادى فريق الشيعة بعلي زين العابدين بن
الحسين بن علي إماما ، وعرف هؤلاء بالشيعة الإمامية ، بينما قام فريق آخر يتزعمه
المختار بن عبيد الثقفي ، وقائد حرسه أبو عمرو بن كيسان ـ وكان من موالي الفرس ـ بالدعوة
لمحمد بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية ـ نسبة إلى أمه خولة بنت قيس بن جعفر
الحنفي ـ مؤلفا فرقة من غلاة الشيعة نسبت إلى المختار بن عبيد الثقفي مرة وعرفت
بالمختارية ، وإلى صاحب شرطته وحرسه مرة ثانية
__________________