ذكر ـ عزوجل ـ مرة خطايا ، ومرة خطيئات ، ومرة قال : ادخلوا ، ومرة قال : اسكنوا ، ومرة قال : فأنزلنا ، ومرة قال : فأرسلنا ـ والقصة واحدة ـ حتى يعلم :
أن ليس فى اختلاف الألفاظ والألسن تغيير المعنى والمراد. وأن الأحكام والشرائع التى وضعت لم توضع للأسامى والألفاظ ، ولكن للمعانى المدرجة والمودعة فيها ، والله أعلم.
وقوله : (وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
يحتمل المراد من المحسنين : المسلم الذى كان أسلم قبل ذلك.
ويحتمل : الذى أسلم بعد قوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) ، وكان كافرا إلى ذلك الوقت.
والزيادة تحتمل : التوفيق بالإحسان من بعد ، كقوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ...) الآية [الليل : ٥].
ويحتمل : الثواب على ما ذكر من قوله : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا ...)
الآية [القصص : ٥٤].
وقوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).
قوله «بدّل» يحتمل : إحداث ظلم ، بعد أن لم يكن ، والخلاف لما أمرهم به عزوجل.
ويحتمل : نشوؤهم على غير الذى قيل لهم.
ولم يبين : ما ذلك القول الذى بدلوا؟ وليس لنا ـ إلى معرفة ذلك القول ـ حاجة ؛ إنما الحاجة إلى معرفة ما يلزمهم بالتبديل ، وترك العمل بأمره ، وإظهار الخلاف له ، فقد تولى الله بيان ذلك بفضله ، وبالله التوفيق.
وقوله : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ).
قيل (١) : «الرجز» : هو العذاب المنزل من السماء على أيدى الملائكة ؛ لأن من العذاب ما ينزل على أيدى الملائكة كعذاب قوم لوط وغيره.
ومنه عذاب ينزل من السماء ـ لا على أيدى أحد ـ نحو : الصاعقة ، والصيحة ، ونحوهما.
وقوله : (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).
مرة ذكر «يفسقون» ، ومرة ذكر «يظلمون» ، وهو واحد.
وفى هذه الآيات التى ذكرناها ، والأنباء التى وصفنا ـ دلالة رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم وإثبات
__________________
(١) هو قول ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (١٠٤٣) وعن قتادة (١٠٣٩) وابن زيد (١٠٤٢) ، وانظر الدر المنثور (١ / ١٣٩).