وفي المقابل بدأت الخلافة العباسية تثق في السامانيين وتطمئن إلى صدق ولائهم ، فاتخذت منهم أنصارا لها في المشرق خلفا للطاهريين ، وقد أشرنا قبل قليل إلى نجاح التحالف «العباسي الساماني» في القضاء على الدولة الصفارية التي هددت العباسيين تهديدا مباشرا.
كما أدى السامانيون دورا آخر لصالح الخلافة العباسية ، وهو التصدي للزيدية في طبرستان ، وتمكنوا من إسقاط دولة الحسن بن زيد سنة ٢٨٧ ه ، ونجحوا في استمالة القائد الديلمي أسفار بن شيرويه فتخلى عن ولائه للزيدية ، وانضم إليهم ، وتكفل بإسقاط الدولة الزيدية الثانية سنة ٣١٦ ه (١).
وكانت بخارى حاضرة الدولة السامانية في عهد الأمير إسماعيل ، فقد شيدت فيها القصور المنيفة ، والمنشآت الكبيرة ، والمدارس الدينية ، ووفد عليها العلماء من كل حدب وصوب ؛ لما وجدوه من التشجيع والحفاوة (٢).
وقد حكم إسماعيل أكثر من ثلاثين سنة ، سار فيها سيرة حسنة في الرعية ، فأرسى قواعد العدل والإحسان ؛ ولذلك كان لا يتهاون مع عماله إذا ظلموا الرعية.
وكانت خراسان تنقسم إلى أربعة أقسام : قسم عاصمته نيسابور ، وقسم عاصمته مرو ، وثالث عاصمته هراة ، والأخير عاصمته بلخ.
وأما بلاد ما وراء النهر فكانت تنقسم خمسة أقسام :
الأول : الصغد ، ولها عاصمتان هما بخارى وسمرقند.
والثاني : خوارزم.
والثالث : صغانيان.
والرابع : فرغانة.
والخامس : الشاش.
وقد كان لعمال إسماعيل على هذه الولايات سلطات واسعة (٣).
وقد توفي الأمير إسماعيل عام ٢٩٥ ه ، وبعد وفاته بدأت الدولة السامانية في الضعف والانحلال ، وكان ذلك لعدة عوامل :
__________________
(١) ينظر السابق ، ص ١٥٤.
(٢) ينظر : تاريخ بخارى ، لفاميري (ص ١٠٣) وما بعدها.
(٣) ينظر : الدول الإسلامية المستقلة في الشرق ص ١٦.