«الأشباه والنظائر» لمقاتل بن سليمان البلخي ، المتوفى سنة : ١٥٠ ه ، و «نزهة
الأعين النواظر في علم الأشباه والنظائر» لابن الجوزي ، المتوفى سنة : ٥٩٧ ه ، و
«أحكام القرآن» لأبي بكر الجصاص المتوفى سنة : ٣٧٠ ه ، و «أحكام القرآن» لابن
العربي المالكي ، المتوفى سنة : ٥٤٣ ه ... وهكذا.
ثالثا : زعم أصحاب المدرسة الحديثة أن
ألفاظ القرآن ترقى إلى درجة المصطلح ؛ بحيث لا يتغير معناها بتغير موقعها ،
فأطلقوا القول بمخالفة ألفاظ القرآن لألفاظ اللغة العربية المعهودة ؛ ومن ثم
تقاعسوا في فهم اللغة وتحصيلها ، وهم بذلك يبعدون عن منهج القدماء في تركيزهم على
اللغة وضرورتها في التفسير ، بل جعلوا إتقانها شرطا لفهم كتاب الله.
بل إنهم يبعدون ـ أيضا ـ عن المنهج
البنيوي الذي يزعمون تبنيه ، متجاهلين ما توصلت إليه المدارس اللسانية الحديثة من
أن هناك فرقا بين اللسان ، والكلام فاللسان ـ كما عرفه دوسوسير ـ «هو نتاج اجتماعي
للملكة اللغوية ، والكلام هو فعل فردي صادر عن الإرادة الفطنة» .
وعليه ، فليس هناك فرق بين لسان القرآن «المفردات
التي صيغ بها القرآن وقواعد تركيبها» ، واللسان العربي العادي «المفردات التي
يستعملها العرب وقواعد تركيبها» قال الله تعالى : (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ
مُبِينٍ)
[الشعراء : ١٩٥]. وقال سبحانه : (لِسانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
[النحل : ١٠٣] فليس هناك فرق بين لسان القرآن ولسان العرب ، وإلا لكان حجة للعرب
في أن الله خاطبهم بغير لسانهم.
فالفرق ليس في اللسان ـ الألفاظ وقواعد
تركيبها ـ المستعمل ، وإنما الفرق في الكلام الذي «هو استعمال هذا البناء ـ اللسان
ـ ووضعه موضع التنفيذ من قبل المتكلمين»
، ومن ثم نجد الحق تبارك وتعالى ينسب لنفسه الكلام ، وينسب اللسان للعرب ، فقال : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ
يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ)
[البقرة : ٧٥] «فالذي يحرف هو الكلام ذاك التركيب الصادر من المبلغ ليغير معناه ،
ويبطل أثره المقصود به ، أما تحريف اللسان فهو مسبة للمحرف وسلب عليه ؛ لأنه حرف
الرموز المتواضع عليها بين أولئك المخاطبين وقطع طريق التواصل معهم ، فلم يعد
يفهمه أحد
__________________